الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العبرة بما تم الاتفاق عليه لا بما كتب في قسيمة الطلاق، وحكم سؤال الطلاق للضرر

السؤال

أنا امرأة مطلقة، وكان زوجي كثير التهديد بالطلاق منذ بدايات الزواج، وكان يقول لي: لو أغضبتني فمن الممكن أن ينتهي كل شيء، وعندما نهرني قلت له: طلقني، ثم اتصل بوالدي، وقال له: إنه سيجهز حقوقي وننفصل، فقال له: لماذا لا تأتي لنتكلم ونتفاهم؟ فلم يفعل، وبعدها قال له والدي: جهز حقوقها، ثم وجدناه قد اتفق مع المأذون على ميعاد الطلاق دون أي محاولة للصلح، وقد أحضر لي المؤخر، ونفقة المتعة، وقال: ما سيحكم به المأذون هدية لها، ثم أخذت كل ما في الشقة... ولما دخلت قال لي المأذون: قولي له برأتك، وطلقني، فقلت له: خلاص أبرأتك طلقني، وتلفظ بالطلاق، والسؤال هو: قسيمة الطلاق مكتوب فيها طلاق على الإبراء من نفقة العدة، والمتعة، والمؤخر، فهل هذه الأشياء من حقي ما دام أني قلت: أبرأتك؟ وهل أنا آثمة لأنني قلت لزوجي مرة: طلقني؟...

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعبرة بما تم الاتفاق عليه بينك وبين زوجك، لا بما كتب في قسيمة الطلاق، والظاهر من سؤالك أنك أبرأته من نفقة العدة فقط، فتكون قد سقطت عنه.

وأما غير نفقة العدة من الحقوق فتكون ثابتة لك، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: فَالْمُبَارَأَةُ صُورَةٌ خَاصَّةٌ لِلإْبْرَاءِ تَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لإِيقَاعِ الزَّوْجِ الطَّلاَقَ ـ إِجَابَةً لِطَلَبِ الزَّوْجَةِ غَالِبًا ـ مُقَابِل عِوَضٍ مَالِيٍّ تَبْذُلُهُ لِلزَّوْجِ، هُوَ تَرْكُهَا مَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقٍ مَالِيَّةٍ، كَالْمَهْرِ الْمُؤَجَّل، أَوِ النَّفَقَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي الْعِدَّةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَسْقُطُ بِهَا أَيُّ حَقٍّ إِلاَّ بِالتَّسْمِيَةِ، خِلاَفًا لأِبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ الْقَائِلَيْنِ بِسُقُوطِ جَمِيعِ حُقُوقِهَا الزَّوْجِيَّةِ.

وأما بخصوص سؤالك الطلاق على الوجه المذكور: فلم يكن محرمًا، ولا يلحقك الوعيد المذكور في الحديث؛ لأنك سألت الطلاق لمسوّغ، والمنهي عنه سؤال الطلاق دون مسوّغ، قال السندي: أَيْ: فِي غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْأَذَى مَا تُعْذَرُ فِي سُؤَالِ الطَّلَاقِ مَعَهَا.

وننبهك إلى أنّ الطلاق ليس شرًّا في كل الأحوال، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ { النساء: 130}.

قال القرطبي: أي: وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني