الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اللوح المحفوظ وما فيه ، ومن يطلع عليه من الخلق

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم نرجو من فضيلتكم ان تعطونا معلومات ضافية عن معنى اللوح المحفوظ وهل صحيح ان الله سبحانه وتعالى يطلع على محتواه من يصطفيهم من اوليائه وهل حدث هذا فعلا مع شيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله عليه.

الإجابــة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاللوح المحفوظ هو الكتاب الذي كتب الله فيه مقادير الخلق قبل أن يخلقهم.
قال الله تعالى: (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب) [الحج:70 ]
قال ابن عطية: هو اللوح المحفوظ.
وقال تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) [الحديد: 22 ] قال القرطبي يعني اللوح المحفوظ.
وقد روى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين - الطويل - وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض".
قال الحافظ ابن حجر أن المراد بالذكر هنا: هو اللوح المحفوظ.
وذكرت كتب التفسير وغيرها آثاراً عن ابن عباس في وصفه منها أنه قال: اللوح من ياقوتة حمراء أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك ، كتابه نور، وقلمه نور ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء: يرفع وضيعاً، ويضع رفيعاً يغني فقيراً ويفقر غنياً، يحيي ويميت ويفعل ما يشاء لا إله إلاَّ هو.
ومنها أنه قال: خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عامٍ فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق: اكتب علمي في خلقي، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة.
أما الاطلاع على اللوح المحفوظ فلم ينقل من وجه ثابت أن الله تعالى أطلع عليه أحداً من الناس، ولو أمكن ذلك لاحد لأطلع عليه رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ، الذي انتهى إلى منتهى لم يبلغه أحد حتى جبريل عليه السلام، وذلك ليلة أسرى به صلوات الله وسلامه عليه.
وأما الإطلاع على بعض غيب الله ، مما تضمنه اللوح المحفوظ ، فمن الممكن أن يحصل لمن يشاء الله تعالى من عباده فقد أطلع الأنبياء بطريق الوحي على كثير من المغيبات.
كما حصل ويحصل لبعض عباد الله الصالحين عن طريق المكاشفات والإلهامات الإلهية.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس مُحدَّثون، فإن يكن في أمتي أحد منهم فهو عمر". والمحدثون الملهمون الذين يجري الله تعالى على ألسنتهم بعضاً من المغيبات. كأنما حدثوا بها.
كذلك الرؤيا الصادقة، فإن المرء يرى رؤيا تتضمن الإخبار عن أمر مستقبل فيحصل الأمر كما رأى الرائي وهذا كثير معروف، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة".
ويجب التنبه لأمور:
1- يجب على المسلم أن يعرف الفرق بين الإلهامات الإلهية والإيحاءات الشيطانية حتى لا يقع في شرَك المبطلين. فالإلهامات الإلهية هي ما يحصل لمن كان مستقيم الظاهر والباطن على شرع الله تعالى في الاعتقاد والقول والعمل. وأما الإيحاءات الشيطانية فهي ما يحصل لأولياء الشيطان من الزنادقة والمبتدعة المنحرفين الضالين.
2- أن حصول المكاشفات والإلهامات الإلهية لأحد أولياء الله لا يعني أنه أفضل من سواه ممن لم يحصل له ذلك. بل قد يحصل للمفضول من ذلك ما لم يحصل لمن هو أفضل منه بكثير.
3- أن المدرك الوحيد لأخذ الأحكام الشرعية هو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح لهذه الأمة.

أما غير ذلك من المكاشفات والإلهامات فليس مدركاً للأحكام ألبتة، فلا ينبني عليه حكم شرعي إطلاقاً.
وأما سؤالك هل حدث هذا فعلاً لشيخ الإسلام ابن تيمية فقد نقلت عنه حكايات من الكشف. ومن ذلك ما نقل عنه أنه كان يخبر عن هزيمة التتار قبل حصولها ويقسم على ذلك. ونحسبه - ولا نزكى على الله أحداً ـ ممن استقاموا ظاهراً وباطناً وقولاً وعملاً واعتقاداً.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني