الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)

السؤال

في أي سورة نزلت الآية: (حتى يلج الجمل في سم الخياط)؟
وما معناها؟ وما سبب نزولها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ [الأعراف:40]. وردت في سورة الأعراف. أما سبب نزولها، فلم يرد سبب لنزولها فيما اطلعنا عليه.

أما معناها، فقال شيخ المفسرين الطبري في تفسيره لهذه الآية: إن الذين كذبوا بحججنا وأدلتنا فلم يصدقوا بها ولم يتبعوا رسلنا (وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا) يقول: وتكبروا عن التصديق بها، وأنفوا من اتباعها والانقياد لها تكبراً (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ) لأرواحهم إذا خرجت من أجسادهم (أَبْوَابُ السَّمَاءِ)، ولا يصعد لهم في حياتهم إلى الله قول ولا عمل، لأن أعمالهم خبيثة، وإنما يرفع الكلم الطيب والعمل الصالح، كما قال جل ثناؤه: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر:10].

قال: ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ)، فقال بعضهم: معناها: لا تفتح لأرواح هؤلاء الكفار أبواب السماء، قال آخرون: معنى ذلك أنه لا يصعد لهم عمل صالح ولا دعاء إلى الله، وقال آخرون: معنى ذلك: لا تفتح أبواب السماء لأرواحهم ولا لأعمالهم.

وقوله: (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) [الأعراف:40]. يقول جل ثناؤه: ولا يدخل هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها الجنة التي أعدها الله لأوليائه المؤمنين أبداً، كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبداً، وذلك ثقب الإبرة وكل ثقب في عين أو أنف أو غير ذلك، فإن العرب تسميه "سماً" وتجمعه "سموماً".

وأما الخياط: فإنه من المخيط وهي الإبرة، قيل لها خياط ومخيط، كما قيل: قناع ومقنع، وإزار ومئزر، ثم ذكر تأويل "الجمل" بأنه الجمل المعروف أي البعير، وقيل هو حبل السفينة الغليظ الضخم من ليف. انتهى مختصراً من جامع البيان في تأويل القرآن للطبري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني