الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، قال: أرض المحشر، والمنشر ...

السؤال

عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، قال: "أرض المحشر، والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره"، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: "فتهدي له زيتًا يسرج فيه، فمن فعل فهو كمن أتاه". [أحمد، وأبو داود]، هل هذا الحديث صحيح، وإسناده قوي؟ وما معنى أن تهديه زيتًا يسرج فيه؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد روى الإمام أحمد من حديث مَيْمُونَةَ، مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَالْمَحْشَرِ، ائتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ، أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَ: فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيه. ورواه ابن ماجه، والطبراني في الكبير، وقال الألباني: منكر. وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند: إسناده ضعيف، زياد بن أبي سودة ذكره الذهبي في "الميزان"، وقال: في النفس شيء من الاحتجاج به، وأورد له هذا الحديث، وقال: هذا حديث منكر جدًّا، ثم نقل عن عبد الحق قولَه فيه: ليس هذا الحديث بقوي، وقولَ ابن القطان: زياد، وعثمان ممّن يجب التوقف في روايتهما، وقال الحافظ في "الإصابة" (في ترجمة ميمونة): فيه نظر. انتهى.

وأما معنى (تهدي زيتًا يسرج فيه) فقد بيّنه السندي في حاشيته على سنن ابن ماجه، حيث قال -رحمه الله- قَوْلُهُ: (أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ) أَرْتَحِلَ يُقَالُ: تَحَمَّلَ إِذَا ارْتَحَلَ. وَفِي أَبِي دَاوُدَ: فَكَانَتِ الْبِلَادُ إِذْ ذَاكَ حَرْبًا. (فَتُهْدِي) مِنَ الْإِهْدَاءِ، قِيلَ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ نُورٌ، كَمَا فِي مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِ، وَكَذَا الزَّيْتُ إِذَا سُرِّجَ بِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ حُكْمُ السِّرَاجِ فِي الْمَسَاجِدِ. انتهى.

وننبه إلى أن جملة: أَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَالْمَحْشَرِ. المذكورة في حديث ميمونة جاءت في حديث آخر صحيح عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ: أَنه سأَلَ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاةِ في بيتِ المقدسِ أفضلُ، أو في مسجدِ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: صلاةٌ في مسجدي هذا، أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيه، ولنعمَ المصلى، هو أَرضُ المحشرِ، والمنشر، وليأتين على الناسِ زمانٌ، ولَقِيدُ سوطِ ـ أو قال: قوسِ ـ الرجلِ حيث يَرى منه بيتَ المقدسِ؛ خيرٌ له، أو أَحبُّ إليه من الدنيا جميعًا. صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني