الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نبذة عن البلاذري وتاريخه: أنساب الأشراف

السؤال

نجد أن بعض من يتكلم في معاوية بن أبي سفيان وغيره من الصحابة يعتمد في بعض نقوله على كتاب أنساب الأشراف للبلاذري، فما مكانة هذا الكتاب بين الكتب؟ وهل يعد مرجعا يعتمد عليه فيما وقع بين الصحابة من خلاف؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكتاب: أنساب الأشراف ـ كغيره من كتب التاريخ المسندة، يجمع مصنفوها ما صح وما لم يصح، معتمدين في إبراء عهدتهم على الإسناد، كما قالوا: من أسند فقد أحالك! فليس الإشكال من المصنف نفسه، وإنما من رجال إسناده، فعلى الباحث والقارئ أن ينظر في صحة الأسانيد ولا يعيب المصنفين، ولذلك قال ابن جرير الطبري في مقدمة تاريخه: ما يكون في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أُتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا. اهـ.
والبلاذري معاصر للطبري، وكتابه لا ينزل من حيث الصحة والتحري عن تاريخ الطبري، وهما جميعا كغيرهما من المصنفات التاريخية، لا بد من النظر في أسانيدها، قال الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري في كتابه: عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين ـ يعد البلاذري أبرز المؤرخين المسلمين بعد الطبري من حيث سعة المعلومات التي دونها والفترات التاريخية التي غطاها، لكن كتابه: أنساب الأشراف ـ أحسن انتقاء للروايات وأنقى أسانيد وأكثر اتفاقاً مع روايات أهل الثقة والصدق من تأريخ الطبري... وباستقراء مشايخ البلاذري نجد أغلبهم توفي قبل وفاة البلاذري بأكثر من عشرين عاماً تقريباً، مما يدل على أنه صنف كتابه قديماً قبل مرضه، وبمقارنة رواياته بروايات غيره كابن سعد وخليفة نجدها متفقة مع الروايات الحسنة والصحيحة التي أوردتها كتب السنة والتاريخ، لذلك فإذا حدث في رواياته ضعف أو شذوذ فهو من قبل الرواة الذين نقل عنهم لا منه هو. اهـ.

وهذه هي الخلاصة فيما يستنكر في أنساب الأشراف أو غيره من كتب التاريخ: أن الخطأ والتزييف، بل والكذب، يأتي من قِبل الرواة لا قبل المصنفين، ومن هؤلاء الرواة بعض المكثرين ممن ينتحل مذهب الرفض أو التشيع، ويظهر أثر ذلك جليا في ذم معاوية خاصة، وبني أمية عامة، وللوقوف على تفاصيل ذلك يمكن الرجوع للرسالة العلمية للدكتور محمد جاسم المشهداني: موارد البلاذري عن الأسرة الأموية ـ كما يمكن الاستفادة الكبيرة من رسالة الدكتوراه للدكتور عبد العزيز محمد نور ولي: أثر التشيع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري ـ فالباب الخامس منها يتناول تأثير التشيع على روايات بعض أحداث الخلافة الأموية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني