الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم اقتناء الخنزير، وهل تدخل الملائكة بيتا فيه خنزير؟

السؤال

الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب. فما الحكم إذا كان في بيت خنزير بدلا من الكلب؟
وهل يجوز أخذ الخنزير حيوانا أليفا على أنه لم يرد أي نص شرعي في تحريمه؟
وهل يجوز إذا قال شخص إني آخذ الكلب حيوانا أليفا، لكن لا أدخله البيت؟
أفيدوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما عدم دخول الملائكة إذا وجد خنزير، فإن النص جاء بأنها لا تدخل بيتا فيه كلب، ولم يرد نص فيما نعلم بأنها لا تدخل بيتا في خنزير.

قال بدر الدين العيني في عمدة القاري: لم يرد امْتنَاع الْمَلَائِكَة من الدُّخُول فِي الْبَيْت الَّذِي فِيهِ هرة وَلَا خِنْزِير وَغَيرهمَا إلاَّ فِي الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْكَلْب خَاصَّة من دون سَائِر الْحَيَوَانَات النَّجِسَة. اهــ.

وأما اقتناء الخنزير؛ فالخنزير أخبث من الكلب، ولا يجوز اقتناؤه بحال، ففي الحديث: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ... إلخ. رواه البخاري.

قال الحافظ في الفتح: وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَحْرِيمُ اقْتِنَاءِ الْخِنْزِيرِ، وَتَحْرِيمُ أَكْلِهِ، وَأَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُنْتَفَعُ بِهِ لَا يُشْرَعُ إِتْلَافُهُ. اهــ.

وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في كتاب الإشراف على نكت مسائل الخلاف: الخنزير في المنع أبلغ من الكلب؛ لأن الكلب ينتفع به على وجه، ويجوز اتخاذه على وجه في ذلك النوع. والخنزير لا يجوز اتخاذه بوجه. اهــ.

وجاء في الموسوعة الفقهية: الْخِنْزِيرُ حَيَوَانٌ خَبِيثٌ، وَيَشْتَرِكُ الْخِنْزِيرُ مَعَ الْكَلْبِ فِي نَجَاسَةِ الْعَيْنِ، وَنَجَاسَةِ كُل مَا نَتَجَ عَنْهُمَا، وَحُرْمَةِ أَكْل لَحْمِهِمَا، وَالاِنْتِفَاعِ بِأَلْبَانِهِمَا وَأَشْعَارِهِمَا وَجُلُودِهِمَا، وَلَوْ بَعْدَ الدَّبْغِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي جَوَازِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ، أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَلاَ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ بِحَالٍ. اهــ.

ولا يجوز اقتناء الكلب للتربية، ولو لم يدخله إلى البيت، فمن اقتنى كلبا لغير ما أذن به الشرع، وجعله في حديقة المنزل مثلا، فإنه يصدق عليه أنه اتخذ كلبا، ويصدق عليه الوعيد الوارد في الحديث: مَنِ اتَّخَذَ كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أَوْ صَيْدٍ، أَوْ زَرْعٍ، انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ. رواه مسلم.

وانظر الفتوى: 330163. حول نصيحة لمن يحب اقتناء الكلاب لغير حاجة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني