الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام شراء الأضاحي عن طريق الإنترنت، والتوكيل بذبحها، والتصدق بقيمتها

السؤال

نرجو إصدار فتاوى على المسائل الشرعية التالية المتعلقة بالأضحية في زمن وباء كورونا، وهي:
1- ما حكم اختيار الأضحية وشرائها من خلال مقاطع الفيديو التي تُعْرَضُ عبر منصات البيع الإلكترونية؟
2- هل يجوز إرسال قيمة الأضحية إلى الدول الفقيرة للتضحية هناك؟
3- أيُّهما أولى: التبرع بقيمتها إلى الدول الفقيرة للتضحية بها هناك؟ أم ذبحها هنا في قطر، والاستعانة على ذبحها بالقصَّابين المتجولين، مع ما في هذا الأمر من تعريض النفس للعدوى؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما السؤال الأول: فلا مانع من شراء الأضاحي عن طريق الإنترنت، بناء على رؤية مقاطع مصورة لها، تمكِّن المشتري من معرفة حالها، والاطلاع على ما يرغب فيه من أوصافها، والتأكد من سلامتها من العيوب المؤثرة على إجزائها -كسائر السلع-.

فمن المعروف أن الرؤية عن طريق تلك الفيديوهات الآن تبرم العقود اعتمادا عليها، وتعقد الصفقات في كثير من الأحيان عبرها، فهي -وإن كانت لا تعطي من الحقيقة ما تعطيه الرؤية المباشرة- لا تقل عن المعلومات التي يحصل عليها المشتري عن طريق وصف غيره للسلعة الغائبة، والاعتماد في شراء المبيع على الوصف جائز.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وبيع الغائب مع الوصف صحيح عند الجمهور في الجملة. اهـ. فليس من شروط صحة شراء الأضحية رؤيتها رؤية مباشرة.

وأما السؤال الثاني: فإن الأضحية سنة مؤكدة، وليست واجبة عند جماهير العلماء.

قال ابن قدامة في المغني: والأضحية سنة، لا يستحب تركها لمن يقدر عليها، أكثر أهل العلم يرون الأضحية سنة مؤكدة غير واجبة. روي ذلك عن أبي بكر وعمر وبلال وأبي مسعود البدري -رضي الله عنهم-. اهـ.

والأضحية أفضل من الصدقة بثمنها على الفقراء -سواء كانت الصدقة مطلقة، أو ليُضحي بها الفقراء عن أنفسهم-.

قال ابن قدامة في المغني: والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها. نص عليه أحمد. لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحى والخلفاء بعده، ولو علموا أن الصدقة أفضل، لعدلوا إليها. وروت عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا». رواه ابن ماجه. ولأن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. اهـ.

وأما أن يرسل الشخص مبلغا لمن يشتري له أضحية، ويذبحها عنه في بلد آخر: فهذا توكيل في الأضحية، وهو جائز، ويكون الشخص حينئذ مضحيا مؤديا لسنة الأضحية، وإن كان الأحسن والأكمل هو أن يشهد المضحي أضحيته، ويأكل منها، ويوسع منها على عياله؛ تحقيقا لمقاصد الأضحية.

جاء في فتاوى محمد بن سليمان الكردي الشافعي: يصح ويجوز التوكيل في شراء الأضحية وفي ذبحها، ولو ببلد غير بلد المضحي كما أطلقوه، فقد صرح أئمتنا بجواز توكيل من تحل ذبيحته في ذبح الاضحية، وصرحوا بجواز التوكيل في شراء النَّعم وذبحها، وأنه يستحب حضور المضحي أضحيته، ولا يجب. اهـ.

وأما ما يتعلق بالسؤال الثالث: فإن الذي ينبغي هو: أن يحرص الشخص على أداء شعيرة الأضحية في بلده قدر المستطاع، مع اتباع توجيهات الجهات المسؤولة عن إدارة أزمة العدوى في موضوع شراء الأضحية، وطريقة ذبحها، وبذل أسباب الوقاية من العدوى.

لكن إذا تعذر على الشخص أداء شعيرة الأضحية في بلده لسبب ما، فحينئذ لا بأس أن يرسل مالا ليُضحَّى به عنه في بلد آخر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني