الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول الزوج: "هذا آخر يوم بيني وبينك إن فعلت كذا، أو قلت كذا"

السؤال

زوجي في كل مشكلة وفي كل حديث يدور بيننا يقول: "هذا آخر يوم بيني وبينك، إن فعلتِ كذا، أو آخر يوم بيني وبينك، إن قلتِ كذا، وفعلتِ كذا"، وهذا الأمر سبّب لي وسوسة؛ لأني لا أدري ما الذي التزمت به، وما الذي خالفته؛ وفي حديث دار بيننا منذ أكثر من سنة شككت هل ختم حديثه لي بقوله: آخر يوم بيني وبينك، إن طلع شيء من هذا الحديث لأحد، أو في حديث آخر.
أكاد أجن من التفكير، وحين سألته عن نيته، قال: لا تصلح النقاشات في أمور فاتت، ونسيها صاحبها، ولا أدري هل أقصد الطلاق أم غيره، وقال: الأمور هذه يحضر الشيطان فيها، وأنساها، وأعدك ما تسمعينها مني -إن شاء الله-، فماذا أفعل، فأنا في حيرة من أمري؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقول زوجك لك: "هذا آخر يوم بيني وبينك إن فعلت كذا، أو قلت كذا"، ليس صريحًا في تعليق الطلاق، ولكنّه كناية، لا يحصل تعليق الطلاق بها إلا إذا نواه.

وعليه؛ فما دام زوجك لم يقرّ بأنّه نوى الطلاق بهذه العبارات؛ فلا يترتب عليها شيء، لأنّ القول في هذه الكنايات قول الزوج؛ لأنه أعلم بنيته، جاء في المغني لابن قدامة -رحمه الله-: إذا اختلفا؛ فقال الزوج: لم أنوِ الطلاق بلفظ الاختيار، وأمرك بيدك. وقالت: بل نويت. كان القول قوله؛ لأنه أعلم بنيته، ولا سبيل إلى معرفته إلا من جهته. انتهى.

وإذا حصل شك عند الزوج في نية الطلاق، أو عدمها؛ لم يلتفت إلى الشك، ولا يقع بها طلاق حينئذ؛ لأنّ الأصل بقاء النكاح، فلا يقع الطلاق مع الشكّ، قال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَالْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ بَيْنَ وُجُودِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَدَدِهِ أَوْ شَرْطِهِ وَعَدَمِهِ؛ فَيَدْخُلُ فِيهِ الظَّنُّ وَالْوَهْمُ، وَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ لِشَكٍّ فِيهِ، أَوْ شَكٍّ فِيمَا عَلَّقَ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ. انتهى.

فالخلاصة؛ أنّه لا شيء عليك فيما قاله زوجك، ولا داعي للقلق والتوتر، فاستعيني بالله تعالى، وأعرضي عن الوساوس والشكوك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني