الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التهاون في الصلاة وترك الدعاء بسبب الفتن والمصائب

السؤال

أنا كهل من تونس، أبلغ من العمر 40 سنة، حاصل على شهادة جامعية، ولم أستطع الزواج؛ لقلة الإمكانيات، مع العلم أن والدي متوفى، وظروفنا المادية صعبة جدًّا؛ لذلك لم أستطع أن أتقدّم لأي فتاة في هذا العمر، وأنا أتجرّع الأمرّين، وممسِك على الجمر في زمان الفتن هذا، وأريد أن أحصّن نفسي، ولم أستطع التوفيق بين حياتي ومستلزمات عائلتي، مع العلم أني متدين، وأحاول قدر الإمكان أن أحافظ على صلواتي، إلا أنني أصبحت غير مواظب؛ من تأثير الفتن في الشارع التونسي على نفسيتي؛ لذا التجأت إلى الدعاء في الثلث الأخير من الليل، وفي كل مرة أصرّ فيها على الدعاء تحدث بعدها بقليل مصيبة، وتكررت المسألة أكثر من ثلاث مرات، وأحسست أن شيئًا يريد منعي من مواصلة الإصرار في الدعاء، فأرجو أن تفتوني فأنا -والله أنا- محطم، ولم يبق لي سوى باب الله، ثم أنتم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يصلح قلبك، ويوسّع رزقك، ويغفر ذنبك، ونوصيك بالصبر، والاستعفاف؛ حتى يغنيك الله من فضله.

ومما يعينك على الاستعفاف: كثرة الصوم، مع حفظ السمع والبصر، والبعد عن مواطن الفتن، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، مع الاستعانة بالله عز وجل، والاعتصام به، وكثرة الذكر والدعاء، وراجع الفتوى: 23231، والفتوى: 7170.

واحذر من حيل الشيطان وخداع النفس أن تسوّغ لك التهاون في الصلاة بسبب الفتن، وتصرفك عن الدعاء بسبب ما يصيبك؛ فالمصائب سببها الذنوب والمعاصي، ودواؤها التوبة، والدعاء، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].

وأي ذنب أعظم من التهاون في الصلاة!؟ فالصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان بالله، وتضييعها تضييع للدين، وإفساد للقلب.

فتب إلى الله تعالى، وحافظ على صلاتك، واجتهد في تحقيق الخشوع فيها؛ فإنّها مفتاح كل خير، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45}، قال السعدي -رحمه الله-: فبالصبر، وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه، معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر، يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور. انتهى.

واعلم أنّ الاستعجال، قد يكون من موانع إجابة الدعاء، ففي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ، فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي.

فداوم على الدعاء، ولا تستعجل، وأبشر بخير، وأحسن ظنك بربك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني