الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حال التائب بعد توبته، وكيفية حصول المحبة في الله

السؤال

سؤالي عن التوبة: إذا كان الله تعالى يقبل التوبة، ويفرح بالتائبين، فما الحكمة من إبقائهم محجوبين عنه؛ لأن المعاصي تحجب الإنسان عن ربه؟
فإذا قبله الله، هل يجب أن يصله به مرة أخرى؟ أم هذه عقوبة له تكفيرا لذنوبه مثلا؟
ما الحكمة؟ وكيف يصل بالله، ويبغض ما يبغض الله؟ وكيف أحب في الله؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالتائب بعد توبته لا يبقى محجوبا، بل قد يجتهد في الطاعة، وتكميل التوبة، حتى يسبق من لم يقع في مثل هذا الذنب، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.

فالتائب بعد توبته لا يعاقب بسبب ذنبه الذي تاب منه، قال ابن تيمية: نحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب لا في الدنيا، ولا في الآخرة؛ لا شرعا، ولا قدرا. انتهى.

وأما كيفية حصول الصلة له بالله، وأن يبغض ما يبغضه الله؛ فيكون ذلك بالأخذ بأسباب الإيمان من قراءة القرآن بالتدبر، والفكرة في الموت، وما بعده، ومصاحبة الصالحين، ولزوم الذكر والدعاء، وسؤال الله التثبيت وصلاح القلب.

وأما حصول المحبة في الله: فتحصل بتعظيم أمر الله تعالى، والعلم بأن الباقي النافع هو الحب فيه، وأن ما عدا ذلك زائل ومضمحل، كما قال تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف:67}.

فالخلة التي تنفع، والمودة التي يدوم أثرها، ويبقى ذخرها للعبد؛ هي ما كان لله، وفي الله تعالى، فإذا استحضر العبد هذا المعنى جعل علاقاته قائمة على هذا الأساس، لا على أمر الدنيا الذي لا يجدي على أهله شيئا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني