الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصيد بالفخاخ الحديدية، وشراء اللحم ممن يصيد بوسائل فيها تعذيب محرم للصيد

السؤال

أحد الأشخاص يصطاد الغزلان عن طريق وضع فخ حديدي؛ فإذا داس عليه الغزال أغلق على رجله أو يده، وهو يرجع إلى الفخ كل يوم مرة، وفي هذا احتمال بقاء الغزال لمدة قد تصل إلى عشرين ساعة أو أكثر في هذه الفخاخ، وهو يتعذّب من غلق الفخ على رجله، بل في الأغلب قد تكسر عظمه، ومما يزيد عذابه بقاؤه وقتًا طويلًا فيها، وقد يحاول الإفلات منها، ويسحب نفسه بقوة مما يزيد آلامه، فهل الصيد بهذه الطريقة من الصيد الحلال؟ وإن كان لا يجوز، فما حكم شراء لحم غزال من شخص اصطاده بهذه الطريقة؟ علمًا أنه يصرّح علنًا أنه يصطاد بالفخاخ الحديدية.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الصيد بالفخ ونحوه، ليس بمحرم، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى للرحيباني: (ويُباحُ) الصَّيْدُ (بِشَبَكَةٍ، وفَخِّ، ودَبْقٍ، وكُلِّ حِيلَةٍ) وكَرِهَ جَماعَةٌ بِمُثْقَلٍ، كَبُنْدُقٍ.

وكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الرَّمْيَ بِالبُنْدُقِ مُطْلَقًا؛ لِنَهْيِ عُثْمانَ، ونَصِّ الإمامِ فِي رِوايَةِ ابْنِ مَنصُورٍ، وغَيْرِهِ: لا بَأْسَ بِبَيْعِ البُنْدُقِ يُرْمى بِها الصَّيْدُ، لا لِلْعَبَثِ.

و (لا) يُباحُ الصَّيْدُ (بِمَنعِ ماءٍ) عَنْهُ؛ لِما فِيهِ مِن تَعْذِيبِهِ، فَإنْ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ حَتّى صادَهُ؛ حَلَّ أكْلُهُ. اهـ.

والفخّ -كما في صبح الأعشى في صناعة الإنشاء للقلقشندي-: آلة مقوّسة لها دفّتان تفتحان قسرًا، وتعلّقان في طرف شظاة، ونحوها، إذا أصابها الصيد؛ انطبقت عليه. اهـ.

وما ذكرته من احتمالات؛ لا يوجب تحريم الصيد بالفخ.

وعلى فرض أن الصائد يصيد بوسائل فيها تعذيب محرم للصيد؛ فإن ذلك لا يوجب تحريم شراء اللحم من الصائد؛ إذ ليس فيه إعانة مباشرة، ولا مقصودة على المحرم.

ومن الفروع القريبة من هذا، ما نص عليه بعض الفقهاء من جواز الشراء ممن يقوم بالاحتكار المحرم، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى للرحيباني: (ويَصِحُّ الشِّراءُ) مِن المُحْتَكِرِ؛ لِأنَّ المَنهِيَّ عَنْهُ هُوَ الِاحْتِكارُ. اهـ. فكذلك يقال هنا: لا يحرم الشراء ممن يعذب الحيوان؛ لأن المنهي عنه هو التعذيب.

وانظر الفتوى: 312091.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني