الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من دلّ غيره على خير، فهل يملك المدلول حرمانَه من أجر الدلالة بتجديد النية؟

السؤال

أريد الاستفسار عن الحديث الذي معناه أن من دعا إلى هدى كان له مثل أجر من فعله بعده، فلو رأيت شخصًا يتصدّق، فاقتديت به، وتذكّرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل الصدقة، وكنت أعرف الحديث من قبل، وأحاول العمل به، لكنني نسيت ذلك مع الوقت، وعندما رأيت ذلك الشخص يتصدّق تذكرّت، فهل يأخذ هذ الشخص مثل أجري إلى يوم القيامة كلما تصدّقت بصدقة صغيرة أو كبيرة؟
ولو قام هذا الشخص بردَّة فعل آذتني جدًّا في قلبي، وغفر الله لي، وأصبحت كالذي يتصدّق وفي قلبه غصة؛ لأنني أتذكّر ذلك الشخص الذي سيأخذ مثل أجري -أنا أعلم أن الأجور بيد الله وحده عزّ وجلّ، وأؤمن أن الله يضاعف لمن يشاء، وأريد عمل الخير، لكن -كما قلت- ذلك الشخص آذتني ردّة فعله-، فهل يمكن أن أجدّد نيتي في قلبي، وأقول: لن أقتدي به، وأجدّد نيتي لأقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكيلا يأخذ هذا الشخص مثل أجري أم إن هذا حرام؟ نسأل الله القبول والغفران.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد كان الأليق بالسائلة أن تصبّ كل اهتمامها على مصيرها، وقبول أعمالها، وزيادة حسناتها، ومغفرة ذنوبها، وأن ترجو لغيرها من خير الآخرة ما ترجوه لنفسها؛ فإن ذلك بذاته حسنة، تنفع صاحبها عند لقاء الله عز وجل.

وأما رجاء حرمان أحد من حسنة أو ثواب في الآخرة؛ فهذا من دَغَل القلوب، الذي ينبغي مجاهدته، والتخلّص منه.

ولا يبرّر ذلك ردّ فعل سيئ من شخص، لعله لا يقصد الإيذاء، ولعله أن يكون معذورًا، وحتى لو لم يكن له عذر؛ فإن الأمر لا يبلغ المضارّة في أحوال الآخرة!

وعلى أية حال؛ فمجمل جواب سؤالك: أن الشخص لو استحقّ ثوابًا لكونه دلَّ على خير، أو دعا إلى هدى؛ فلا يملك المدعوُّ أن يقطع عنه هذا الثواب بأي شكل كان، لا بتجديد نية، ولا بغير ذلك، وإنما الأمر إلى الله تعالى الذي وعد بهذا الثواب، وهو -سبحانه- يؤتيه من يشاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني