دفن الميت ليلاً بين الجواز والمنع

28-10-2001 | إسلام ويب

السؤال:
ماحكم دفن الموتى في الليل؟ هل يجوز دفن الميت الذي مات بعد صلاة المغرب في الظلام؟ أم أنه يجب الانتظار حتى الصباح ودفنه؟

الإجابــة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإن دفن الموتى في الليل مختلف فيه بين العلماء، فمنهم من قال بجوازه بلا كراهة، ومنهم ‏من قال: إنه مكروه. وذهب ابن حزم إلى تحريمه كما في المحلى، وتبعه الألباني في أحكام ‏الجنائز، ومما يدل على الجواز بلا كراهة ما رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله ‏عنه قال: (رأى ناس ناراً في المقبرة فأتوها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، ‏وإذا هو يقول: " ناولني صاحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.)
قال الإمام ابن القيم: هذه النار كانت للإضاءة، ولهذا ترجم عليه أبو داود: الدفن بالليل. ‏قال الإمام أحمد: لا بأس بذلك، وقال: أبو بكر دفن ليلاً، وعلي دفن فاطمة ليلاً، وحديث ‏عائشة: " سمعنا صوت المساحي من آخر الليل في دفن النبي صلى الله عليه وسلم" وممن ‏دفن ليلاً: عثمان، وعائشة وابن مسعود، ورخص فيه عقبة بن عامر، وابن المسيب، ‏وعطاء، والثوري، والشافعي، وإسحاق. وكرهه الحسن، وأحمد في إحدى الروايتين… وفي ‏الصحيحين عن ابن عباس قال: " مات إنسان، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏يعوده، فمات بالليل فدفنوه ليلاً، فلما أصبح أخبروه. فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ ‏فقالوا: كان الليل وكرهنا - وكانت ظلمة- أن نشق عليك فأتى قبره،فصلى عليه".أهـ
ومما يدل على كراهة الدفن ليلاً حديث جابر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلاً ‏من أصحابه قبض، فكفن في كفن غير طائل، وقبر ليلاً، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم ‏أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك) رواه مسلم قال ‏النووي معقباً، ( فكرهه الحسن البصري إلا لضرورة، وهذا الحديث مما يستدل له به، ‏وقال جماهير العلماء من السلف والخلف لا يكره…) كما نقل النووي الإجماع على ‏جواز الدفن ليلاً، فقال عند حديث ( إن علياً دفن فاطمة رضي الله عنها ليلاً): فيه جواز ‏الدفن ليلاً، وهو مجمع عليه، لكن النهار أفضل إذا لم يكن عذر. انظر صحيح مسلم ‏بشرح النووي كتاب الجهاد.‏
والراجح هو ما قاله الإمام ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود: (والذي ينبغي أن يقال في ‏ذلك -والله أعلم- أنه متى كان الدفن ليلاً لا يفوت به شيء من حقوق الميت، والصلاة ‏عليه، فلا بأس به، وعليه تدل أحاديث الجواز، وإن كان يفوت بذلك حقوقه والصلاة ‏عليه وتمام القيام عليه، نهي عن ذلك، وعليه يدل الزجر، وبالله التوفيق).‏
وبناء على ما تقدم نقول -للسائل الكريم- إنه إذا كان إبقاء الميت ليلاً إلى الصباح لا ‏يؤدي إلى تغيره، ورجي من ذلك أيضاً تكثير المصلين عليه فدفنه بالنهار أفضل، وإذا لم ‏يوجد من يصلي عليه ليلاً، أو لم توجد إضاءة ولم يخش تغيره إن ترك إلى الصباح انتظر به حتى يدفن نهاراً، وإذا توفر عدد لا بأس به للصلاة عليه، وتوفرت ‏الإضاءة جاز دفنه بالليل بلا كراهة.‏
والله أعلم.‏

www.islamweb.net