التعرض للتفريعات الفقهية قد تزيد الموسوس وسوسة

18-11-2012 | إسلام ويب

السؤال:
أنا صاحب السؤال رقم: (2374520)، وكم أحزنني حزنًا عميقًا أن تتجاهلوا أسئلتي وتحيلوني إلى روابط تتحدث عن الوسواس, فلقد استحلفتكم بالله في رسالتي السابقة ألا تحيلوني إلى فتاوى أخرى، وقلت لكم: سأنتظر إجاباتكم بفارغ الصبر؛ لأنني أراها طوق النجاة لما أعانيه من وسواس، فأنا أعلم أنني مصاب بالوسواس، وقلت لكم: إنني بدأت في أخذ العلاج الطبي، وذكرت أيضًا أنني أعمل في الوقت ذاته على العلاج المعرفي والسلوكي، وهذا لا يتأتى إلا تدريجيًا، وأنا أزعم أنني قرأت معظم مقالاتكم عن الوسواس, وعلمت أنه بلاء مستطير يجعل الإنسان كمن لا عقل له، وأنه داء عضال، وأن خير سبيل للتخلص منه هو الإعراض عنه، إلى غير ذلك من إرشادات, لكنني كنت منتظرًا من سيادتكم في رسالتي السابقة أن تعطوني تأصيلًا أو حلًا فقهيًا لما ذكرته من أمور في تلك الرسالة, فقد كنت بحاجة إلى معرفة ضابط الجفاف, ومتى يحكم على اليد بأنها جافة حتى لا تنتقل النجاسة إذا لمست شيئًا آخر جافًا؟ علمًا أن اليد يكون بها دومًا رطوبة أو نداوة طبيعية، أو حتى عرق بسيط، وذلك من الناحية العلمية؛ وكنت محتاجًا إلى معرفة الرأي الشرعي وآراء الفقهاء في هذا الأمر؛ لأنني كنت سأبني عليه علاجي السلوكي والمعرفي في التخلص من الوسواس، فأنا حتى الآن أرى أن اليد تكون رطبة على الدوام؛ لأن بها رطوبة طبيعية؛ وبالتالي لا أعدها من الأشياء الجافة، وهو ما يزيد من وسواسي.
وطلبت منكم أيضًا معرفة الرأي الشرعي في استعمال الصابون الذي يحتوي على دهون خنزير, أو حتى يدخل في تركيبه دهون حيوانات مباحة, ولكنها ليست مذبوحة على الطريقة الإسلامية، وبالتالي هي نجسة، وكنت منتظرًا من سيادتكم معرفة حكم الشرع في استعمال هذه المنظفات مثل: صابون لوكس وكامي وغيرهما من المنظفات، وأرفقت في رسالتي رابطًا على الإنترنت لموقع إسلامي يسرد المنتجات الحلام والحرام في الولايات المتحدة، ومن بينها أنواع الصابون التي ذكرتها (http://www.muslimtents.com/aminahsworld/information_food.html), ولكنني لم أتلق أيضًا أي جواب, فهذه المسألة لا علاقة لها بالوسواس، بل تتطلب فتوى تتعلق بما نستخدمه في حياتنا اليوم من منظفات ومعاجين أسنان، معظمها يدخل في تركيبها الدهون الحيوانية، ومن المعلوم أن الحيوانات في الغرب لا تذبح وفق الشريعة الإسلامية، وبالتالي ينسحب الحكم على المنتجات التي توجد بين أيدينا الآن في بلادنا الإسلامية, والتي هي في الأصل منتجات أجنبية مثل: صابون لوكس وكامي, فهل نتوقف عن استعمال هذه المنظمات لأننا لا يمكن أن نعلم هل حدثت استحالة للمادة الكيميائية أم لا؟ وكل ما نعلمه أن هناك دهونا حيوانية تدخل في تركيبها.
أعلم أن الوسواس ربما يكون قد بلغ مني مبلغًا عظيمًا، ولكن هذا أدعى أن تهتموا برسالتي لعلي أجد من خلالكم حلًا لما أعانيه، مثلما استفدت من قبل من موقعكم الكريم في مسألة أن الجاف إذا لامس جافًا لا يتنجس، وكانت هذه القاعدة بمثابة طوق النجاة لحل الكثير من مشكلاتي، وكنت منتظرًا في هذه الرسالة أن تجيبوني عن سؤالي المتعلق بضابط جفاف اليد؛ لأنني أرى دومًا أن اليد تكون رطبة؛ لأن بها رطوبة طبيعية، وبالتالي لا أعدها من الأشياء الجافة، وهو ما يزيد من وسواسي.
أعلم أنكم تستقبلون فتاوى كثيرة، وأن الضغط عليكم كبير، لكن اعذروني في معاتبتي لكم فهي من باب معاتبة الأحباء، وأنا أحبكم في الله، وكنت منتظر الرد من أحبتي في الله، علهم يكونون سببًا في تخلصي من هذا الداء العضال, وتحياتي.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فاعلم - أخي السائل - أولا أن من طرق علاج الموسوس في أمور الطهارة والنجاسة عدم ذكر التفريعات الفقهية؛ لأنها قد تزيده وسوسة, ولعل هذا هو السبب في عدم الإجابة عن سؤالك المشار إليه آنفًا, والاكتفاء بإحالتك إلى فتاوى أخرى متعلقة بالموضوع, وقد علمنا بالتجربة أن الاسترسال مع الموسوس وإجابته في كل ما يسأل عنه لا يكاد ينتهي, ولا يزيده إلا وسوسة، ولا سيما إذا كانت الإشكالات التي عنده تخالف ما اتفق عليه العقلاء, وخير مثال على ما نقول هو هذا السؤال فهو السادس في نفس الموضوع, ونحن نكاد نجزم أنه لن يكون الأخير, وذكرت فيه أن اليد رطبة دائمًا, وأن الرطوبة فيها طبيعية, وكل عاقل يدرك أن اليد جافة وليس فيها نداوة طبيعية كما زعمت ولا بلل, والمقصود بالرطوبة عند الفقهاء أن يكون الشيء فيه بلل أو نداوة, فأنت تأتي بسبب الوسوسة بما يخالف العقول ثم تريد عليه تفصيلًا فقهيًا!!

والذي يمكننا قوله لك هو: أن تعرض عن هذه الرطوبة أو البلل الذي تتخيله في اليد, وأن تبني على أنها جافة في الأصل, ولا تنتقل إليها النجاسة الجافة إذا لاقتها.

وأما الصابون: فلو ثبت أن فيه نجاسة من حيوان غير مذكى فإن ذلك لا يمنع من استعماله عند الحاجة؛ لأن مباشرة النجاسة للحاجة جائز عند كثير من الفقهاء, فأولى مباشرة الشيء الطاهر الذي تنجس بشيء يسير, ومن المعلوم أن مستعمل ذلك الصابون سيغسل يده بالماء بعده, قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن التلطخ بلحم الخنزير للتداوي:" وَأَمَّا التَّدَاوِي بِالتَّلَطُّخِ بِهِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى جَوَازِ مُبَاشَرَةِ النَّجَاسَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ, كَمَا يَجُوزُ اسْتِنْجَاءُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِيَدِهِ, وَمَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ جَازَ التَّدَاوِي بِهِ" اهــ .

والله أعلم.

www.islamweb.net