حكم أخذ صاحب المطعم جزءا من البقشيش الذي يُدفع للعامل

8-1-2014 | إسلام ويب

السؤال:
إخوتي الكرام لدي سؤال حول البقشيش: أعمل في مجال قلّ ما لا تأخذ فيه البقشيش, لكنني بقيت حائرا كيف أتصرّف في موقف كانت لدي فيه شبهة من حكم البقشيش، وقد اطّلعت في موقعكم على أنّ حكم البقشيش هو بذاته كحكم الهدية في العمل وأنّه لا يجوز أخذها إلا بعد موافقة صاحب المحل، فعملي هو نادل بمطعم يبع الأكل العربي والحلال في كندا، ويأتي المسلمون وغير المسلمين للأكل هنا وكما هو متعارف عليه هنا فترك البقشيش لنادل إذا كان يستحق ذلك هو أمر واجب بالنسبة للحريف، لكنني لا أرى وجوبه بالنسبة لي أمّا هو فيرى أنه قدمت له خدمات جيدة مع الأكل، وبالتالي يرى أن يجازي النادل بالبقشيش بالإضافة إلى السبب الثاني وهو أن النادل يأخذ الأجر الأدني في كندا ممّا دفع بعض ولايات كندا إلى جعل ترك البقشيش للنادل إجباريا واعتباره جزءا من الأجر وبالتالي يدفع عليها الضرائب، لكن الأمر الذي حيّرني أكثر هو أنّ صاحب المحل وبعد سماحه لي بأخذ البقشيش طلب مني أن أسلمه إيّاه أنا والنادل الآخر ليجمعه وبعد أربعة أسابيع تقريبا يوزعه كما يشاء فيأخذ نسبة للمطعم ثمّ يوزع الباقي حسب ساعات العمل وحسب موقع كل شخص ويوزعه على كل عماّل المطعم حـتّى من ليست له علاقة بتقديم خدمات للحرفاء يأخذ ولو القليل مع العلم أن الحرفاء شديدو الحرص على أن يذهب البقشيش لصاحبه أي من قدم لهم الخدمات، وصاحب المحل يعطيني تقريبا 30 في المائة مما أحصل عليه، وبعد اتصالي بأساتذة المهنة في كندا هناك فمنهم من قال لي إنه عمل 30 سنة في هذه المهنة ولم يسمع بهذا التقسيم للبقشيش، وأن صاحب المحل يتحايل علي ويستعمل البقشيش الذي أجمعه لمكافأة الآخرين من غير ماله، وأنه قانونيا ليس له الحق أن يمسّ أو يعلم كم أجمع من البقشيش، وعرض علي المساعدة بأن يتصل بمكتب الشغل ليعلمهم ويقدم شكاية لما يفعله صاحب المحل لكنني رفضت، لأنه ابن جلدتي ومسلم ولا يحق لي التشفّي به، ملاحظة: أنا لا أطلب أي بقشيش من الحريف ولا هو مجبر على تسليمه، والسؤال هو: إذا أخفيت جزءا من البقشيش لنفسي ولم أسلّمه إياه، فهل تعتبر تلك سرقة؟ وهل يحق لي أن أرفض تسليمه كل البقشيش؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما يأخذه خادم المطعم ـ السفرجي أو الغرسون ـ من بقشيش فيه تفصيل:

1ـ فما أخذه إكراما وإحسانا من الزبون، وليس في مقابل عمله، فهذا يملكه ملكا خالصا، وليس لصاحب ‏المطعم أن ينازعه في شيء منه، لأن الغالب على أصحاب المهن ضعيفة الدخل جدا كعمال النظافة ومثلهم خدم ‏المطاعم ـ السفرجية والغرسون ـ أنهم من الفقراء وأن ما يعطونه غالبا إنما هو من باب الإشفاق والإرفاق ‏والتشجيع والصدقة لا من باب المحاباة والرشوة، لأنه لا تنفّذ لهم في مصالح أعمالهم، ويؤكد ذلك أن ما يعطونه ما هو إلا مبلغ ‏بخس جدا قد لا يعدل ثمن فنجان القهوة غالبا، وهذا ما جعل عددا من الفقهاء المعاصرين يرون أن باب هذا باب ‏الإرفاق والإحسان والمعروف وليس من باب الرشوة والغلول، فقد أفتى الشيخ ابن باز بجواز هدية ساعي البريد ‏‏ـ مجموع الفتاوى :9ـ 408 ـ ونصها: السائل: أنا موظف بريد عندما أسلم مظروف البريد أو الحوالة لصاحبها يعطيني بعض النقود، فهل تعتبر هذه ‏هدية يحق لي أخذها؟ أم تعتبر رشوة؟ الشيخ ابن باز: لا أعلم حرجا في ذلك، لأن هذا العمل داخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفا ‏فكافئوه ـ 2ـ الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: كل معروف صدقة ـ 3ـ رواه البخاري في الصحيح، ‏ولا شك أن هذه المساعدة تشجع موظف البريد على إيصال المعاملات إلى أهلها في أسرع وقت ممكن، وفق الله الجميع.‏

وكذلك أفتى الدكتور محمد البهي بجواز البقشيش استحسانا لصنيع الخادم، وكذلك العلامة عبد ‏الرحمن البراك ما لم تكن محاباة أو رشوة، بل أفتت دار الإفتاء المصرية رقم مسلسل 492بحرمة تسلط صاحب ‏المطعم على البقشيش والمقصود أنه ليس كل ما يأخذه العامل يكون رشوة وغلولا ولابد، فقد أفتينا سابقا بجواز ما يأخذه ‏موظف الاستقبال من نزلاء الفندق لغير ما يجب عليه فعله ما لم يمنعه مسئوله من ذلك، كما في الفتوى رقم: 12640.

وكذلك قرى الضيافة المقدم للموظفين من عملاء شركاتهم لا يعتبر من الغلول، كما بيناه في الفتوى رقم: 120835. ‏

خاصة وأنه مع جريان العرف العام بذلك لم يعد الأمر خفيا على أرباب المطاعم والفنادق ما يأخذه عمالهم من بقشيش، وهم الذين أخذوا نصيبهم من الثمن موفورا من العملاء، فإذا كان الأمر كذلك فما يعطاه خادم المطعم من العملاء هبة أو صدقة فإنه يمتلكه بمجرد قبضه كسائر ماله، ‏ملكا خالصا، ليس لغيره فيه نصيب، فما هو بسرقة ولا يتعين عليه إعلام صاحب المطعم بما أخذه، وعلى صاحب ‏المطعم إن أخذ منه شيئا أن يرده عليه، فليس الخادم رقيقا له فيكون ماله لسيده.‏
2ـ وما كان من البقشيش لقاء ما يلزم العامل فعله، لم يجز له أخذه، لأن منافعه مملوكة لصاحب المطعم، ‏فليس له أن يعاوض عليها سواه، ولأن هذا عندها يدخل في باب المحاباة للمعطي، ويترتب عليه التقصير في ‏واجب العامل مع بقية العملاء الذين لا ـ يبقششونه؟ وهذا من الخيانة والرشوة، وانظر للمزيد في تقرير حرمة هدايا ‏العمال الفتوى رقم: 43444.

3ـ وكذلك إذا أعطيه النادل عن طلب منه، فهذا يدخل في أحكام المسألة والأصل حرمة ‏المسألة إلا للمحتاجين، وانظر في ذلك الفتوى رقم: ‏‎172129‎.

ولصاحب المطعم أن يمنع عماله من سؤال الزبائن حفاظا على سمعة مطعمه.

4ـ إذا كان البقشيش من النوع الثاني واشترط صاحب المطعم على العامل عند بدء العمل معه ألا يأخذ البقشيش لنفسه فليس له أخذه، لأنه ما جاءه إلا لمّا عمل في مطعمه، والمسلمون على شروطهم، ولأن له أن يمنعه من الأخذ، وله أن يستحوذ عليه كله، لأن منافع العامل مملوكة له.

والله أعلم.

www.islamweb.net