تفسير قوله تعالى: لا أقسم بهذا البلد

20-8-2015 | إسلام ويب

السؤال:
أنا مسلم والحمد لله، وعمري 18سنة، وكثيرا ما تخطر على بالي أسئلة في الدين لا أجد لها إجابة، فأنا لدي أكثر من سؤال أريد أن أطرحه على سيادتكم.
أولا: في سورة البلد يقول الله تعالى: لا أقسم بهذا البلد، وأجد في تفسير السعدي أن الله يقسم بمكة.
فكيف يقسم الله تعالي بمكة، والله تعالي ينفي بلا؟
ثانيا: إجابة من في سؤال (من أظلم) تكون لا أحد أظلم، فالله تعالي قال في قرآنه الكريم أكثر من مرة: ومن أظلم. مثل: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا. ومثل: ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها. وهكذا.
ألا يجب أن يكون شخص واحد هو أكثر ظلما؟
ثالثا: في صلح الحديبية أحد البنود فيه: أن من يرتد من المسلمين وذهب إلى قريش، لا يرد إلى المسلمين.
أليس من المفروض أن من يرتد يقتل، أم لم يكن قتل المرتدين قد شرع في هذا الوقت؟
وأخيرا أنا أريد أن أتفقه في ديني، وأن أستطيع أن أجيب على مثل هذه الأسئلة إذا أحد سألني عنها.
فماذا أفعل؟
وشكرا جزيلا، وآسف على الإطالة.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن آية البلد اختلف المفسرون فيها، فذكر بعضهم أن لا، زائدة، مؤكدة، وقيل إنها لنفي شيء محذوف.

فقد قال ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير: قوله عز وجل: لا أقسم. قال الزجاج: المعنى: أقسم. و «لا» دخلت توكيدا، كقوله عز وجل: لئلا يعلم أهل الكتاب ... اهـ.

وفي تفسير القرطبي: لا أقسم بهذا البلد، يجوز أن تكون لا زائدة، كما تقدم في لا أقسم بيوم القيامة.[القيامة: 1]، قاله الأخفش. أي أقسم، لأنه قال: بهذا البلد، وقد أقسم به في قوله: وهذا البلد الأمين [التين: 3] فكيف يجحد القسم به، وقد أقسم به.

قال الشاعر:

تذكرت ليلى فاعترتني صبابة ... وكاد صميم القلب لا يتقطع

أي يتقطع، ودخل حرف (لا) صلة، ومنه قوله تعالى: ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك [الأعراف: 12] بدليل قوله تعالى في [ص]: ما منعك أن تسجد. [ص: 75] . ...

وقيل: ليست بنفي القسم، وإنما هو كقول العرب: لا والله لا فعلت كذا، ولا والله ما كان كذا، ولا والله لأفعلن كذا. وقيل: هي نفي صحيح، والمعنى: لا أقسم بهذا البلد إذا لم تكن فيه، بعد خروجك منه. حكاه مكي. ...

إلى أن قال عازيا لمجاهد: لا، رد عليهم. وهذا اختيار ابن العربي؛ لأنه قال: وأما من قال إنها رد، فهو قول ليس له رد، لأنه يصح به المعنى، ويتمكن اللفظ والمراد. فهو رد لكلام من أنكر البعث ثم ابتدأ القسم.

وقال القشيري: قوله: لا، رد لما توهم الإنسان المذكور في هذه السورة، المغرور بالدنيا. أي ليس الأمر كما يحسبه، من أنه لن يقدر عليه أحد، ثم ابتدأ القسم. والبلد: هي مكة، أجمعوا عليه. أي أقسم بالبلد الحرام الذي أنت فيه، لكرامتك علي، وحبي لك.

وقال الواسطي: أي نحلف لك بهذا البلد الذي شرفته بمكانك فيه حيا، وبركتك ميتا، يعني المدينة. والأول أصح، لأن السورة نزلت بمكة باتفاق. اهـ.

 ونكتفي بجواب سؤالك الأول، ونرحب بباقي أسئلتك في رسالة أخرى، التزامًا بنظام الموقع من أن على السائل الاكتفاء بكتابة سؤال واحد فقط، وأن السؤال المتضمن عدة أسئلة يجاب السائل على الأول منها فحسب.
والله أعلم.
 

 

www.islamweb.net