الكنعانيون.. أصلهم.. مكان وجودهم.. وإشارة القرآن إليهم

23-8-2015 | إسلام ويب

السؤال:
أريد معرفة بعض الحقائق عن الكنعانين هل هم فعلا من العرب؟ وهل ذكر منهم من كان عدوا لله قط؟ وهل كان نمرود أو جالوت منهم؟ لأن نمرود بن كنعان، ويقال إن الكنعانيين عماليق، ومعروف أن جالوت كان عملاقا؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبه ـ أولا ـ إلى أن موضوع هذا السؤال خارج عن نطاق الفتوى، وهو يحتاج إلى بحث خاص لا يتسع له وقتنا بسبب كثرة الأسئلة اليومية التي ترد إلينا، وبالتالي فسنكتفي بإيراد ما تيسر ـ وفق ما بين أيدينا من مصادر ـ منبهين على أنه يصعب القطع نفيا أو إثباتا في كثير من مثل هذه المسائل التاريخية، ثم نقول جوابا عن سؤالك: إن كثيرا من المؤرخين يعتبرون الكنعانيين من العماليق، وأن هؤلاء أصلهم من العرب العارب، قال الطبري في تاريخه: فَعِمْلِيقُ أَبُو الْعَمَالِيقِ كُلِّهِمْ أُمَمٍ تَفَرَّقَتْ فِي الْبِلادِ، وَكَانَ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَأَهْلُ عُمَانَ وَأَهْلُ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ مِصْرَ مِنْهُمْ، وَمِنْهُمْ كَانَتِ الْجَبَابِرَةُ بِالشَّامِ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمُ الْكَنْعَانِيُّونَ، وَمِنْهُمْ كَانَتِ الْفَرَاعِنَةُ بِمِصْرَ، وَكَانَ أَهْلُ الْبَحْرَيْنِ وَأَهْلُ عُمَانَ مِنْهُمْ أمة يسمون جاسم، وكان ساكنى الْمَدِينَةَ مِنْهُمْ، بَنُو هفٍّ وَسَعْدِ بْنِ هَزَّانَ، وَبَنُو مَطَرٍ، وَبَنُو الأَزْرَقِ وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْهُمْ بُدَيْلٌ وَرَاحِلٌ وَغِفَارٌ، وَأَهْلُ تَيْمَاءَ مِنْهُمْ وَكَانَ مَلِكُ الْحِجَازِ مِنْهُمْ بِتَيْمَاءَ اسْمُهُ الأَرْقَمُ، وَكَانُوا سَاكِنِي نَجْدٍ مَعَ ذَلِكَ وَكَانَ سَاكِنِي الطَّائِفِ بَنُو عَبْدِ بْنِ ضَخْمٍ، حَيٌّ مِنْ عَبْسٍ الأَوَّلُ ....إلى أن قال: فَكَانَتْ طسمُ وَالْعَمَالِيقُ وَأُمَيْمُ وَجَاسِمُ قَوْمًا عَرَبًا. اهـ.

وجاء في تاريخ ابن خلدون: واعلم أنّ جيل العرب بعد الطوفان وعصر نوح ـ عليه السلام ـ كان في عاد الأولى وثمود والعمالقة وطسم وجديس وأميم وجرهم وحضرموت ومن ينتمي إليهم من العرب العاربة من أبناء سام بن نوح. اهـ.

ولا نعلم للكنعانيين ذكرا في القرآن سوى الإشارة الواردة في قوله تعالى: قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ {المائدة:22}.

يقول ابن كثير في البداية والنهاية: وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ لَمَّا انْفَصَلَ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ، وَوَاجَهَ بِلَادَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَجَدَ فِيهَا قَوْمًا مِنَ الْجَبَّارِينَ، مِنْ الْحَيْثَانِيِّينَ، وَالْفَزَارِيِّينَ، وَالْكَنْعَانِيِّينَ، وَغَيْرِهِمْ فَأَمَرَهُمْ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ، وَمُقَاتَلَتِهِمْ وَإِجْلَائِهِمْ إِيَّاهُمْ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَهُ لَهُمْ، وَوَعَدَهُمْ إِيَّاهُ، عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، وَمُوسَى الْكَلِيمِ الْجَلِيلِ، فَأَبَوْا وَنَكَلُوا عَنِ الْجِهَادِ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ، وَأَلْقَاهُمْ فِي التِّيهِ، يَسِيرُونَ، وَيَحِلُّونَ وَيَرْتَحِلُونَ، وَيَذْهَبُونَ، وَيَجِيئُونَ، فِي مُدَّةٍ مِنَ السِّنِينَ طَوِيلَةٍ، هِيَ مِنَ الْعَدَدِ أَرْبَعُونَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ * يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ. اهـ.

ويظهر أن كلا من النمرود وجالوت من الكنعانيين، قال ابن تيمية في الفتوى الحموية: والنمرود هو: ملك الصابئة الكنعانيين المشركين. اهـ.

وجاء في المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء: نزل كنعان في الشام ونزل في جهة فلسطين، وتوارثها بنوه، وكان كل من ملك من بني كنعان يلقب جالوت، إِلى أن قتل داود جالوت آخر ملوكهم، وكان اسمه كلياد عن البيروني ذكر ذلك في أواخر كتاب الجواهر، فتفرقت بنو كنعان وسار منهم طائفة إلى المغرب وهم البربر. اهـ.

وقال المسعودي متحدثا عن كنعان: هو أكبر ولد حام، وهو أول من غير دين نوح ـ عليه السلام ـ وألقى العداوة بينه وبين بني جده من الجبابرة والكنعانيين الذين كانوا بالشام، ويقال فراعنة مصر منهم، وجالوت منهم الذي قتله داود ـ عليه السلام ـ فهؤلاء العمالقة، لأن العمالقة هم من ولد حام. اهـ.

والله أعلم.

www.islamweb.net