النفع والضر ليس بيد البشر

25-12-2016 | إسلام ويب

السؤال:
أختي لم تخبرني بخطبة ابنتها، وأغلب الظن بسبب أنها تظن أنني سأحسد ابنتها، أو أصيبها بالعين، مع أني كنت أدعو دائما أمام ابنتها بالخير لهم، وأفرح عندما أسمع بتقدم أحدٍ لها، وأخبرت الجميع، ولم تخبرني. وعندما علمت بالأمر، قالت لأني لم أرغب أن أخبر الجميع، تضايقت، ولكني ما زلت أدعو لابنتها بالخير.
فهل يجوز ما فعلته؟
لقد نفد صبري، وهي تلمح للجميع بأني أحسدها، علما بأنها تحسدني مرارا وتكرارا على أمور هي كانت ترغب فيها، ولكني بإذن الله أحصل عليها كمنزل كبير كانت تتمناه، ولكن الله أعطى زوجي الصحة والعافية، والقدرة على شراء منزل كبير، والآن أنا وابنتي بعد شجار طويل ومناقشة كبيرة مع أختي، على خوف بأن ابنتي لن يكون لها نصيب، وإن سأل عنها أحد، بسبب أن أختي قد تبعد الخطاب عن ابنتي، مع أنني عندما يسألون عن أختي وابنتها، كنت أذكرهما بالخير، وأختي كثيرا ما تكره أن تكون ابنتي هي موضوع اهتمام الناس، وتفضل أن تكون هي وابنتها، علما بأن ابنتها لا تحب هذه الأمور. ومنذ أن خطبت، بدأت تتزين، ونسيت ما يجوز، وما يحرم عليها فعله، وأخاف أن أنصحها؛ لأن والدتها تظن بأنني أحاول التفريق بينها وزوجها.
أرجو الإفادة بحديث ما، أو آية؟ وهل ما تفعله يجوز؟
فقد نفد صبري؛ لأن الجميع يكلم ابنتي بصيغة أنها ستحسدهم، أو ستصيبهم بالعين، وهي تقول بأنهم يلمحون بقصص عن أناس آخرين يحسدون، وفي نفس موقفها مع أننا نذكر، وندعو الله في كلامنا كثيرا، ولا نرى ما لدى الغير.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد ندب الشرع إلى أن يكون المسلمون على أحسن حال من المودة والوئام، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات:10}، وثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلم أخو المسلم.

وإذا كان هذا في حق عامة المسلمين، فإنه متأكد في حق من بينهم هذه الرحم التي أمر الله بصلتها، ونهى عن قطيعتها.

والأصل حسن الظن بالمسلم، فلا يجوز لأي منكما أن تسيء الظن بالأخرى من غير بينة، وإلا وقعت في الإثم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث. متفق عليه. 

 ومن أهم ما نوصيك به الصبر على أختك، والدعاء بأن يصلح الله عز وجل ما بينك وبينها، والسعي في سبيل هذا الإصلاح بتدخل العقلاء من أهلك، أو المقربين إليها ممن لقولهم تقدير عندها، فإن تم ذلك، وتفهمت الأمر، فالحمد لله، وإلا فلا تشغلي نفسك كثيرا بأمرها، وصليها وإن قطعتك، وأحسني إليها وإن أساءت إليك، ففي ذلك أعظم قربى إلى الله، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. والمل هو: الرماد الحار.
   ولا يخفى عليك أن الأمر بيد الله، وأنه لا أحد من الخلق يملك للناس نفعا أو ضرا، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، قال الله سبحانه: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس:107}، وفي معجم الطبراني في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس -رضي الله عنهما-: واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن الخلائق لو اجتمعوا على أن يعطوك شيئا لم يرد الله أن يعطيك، لم يقدروا عليه، أو يصرفوا عنك شيئا، أراد أن يصيبك به، لم يقدروا على ذلك

فسيأتي ابنتك - بإذن الله - ما كتب لها من رزق الأزواج، فتوكلي على الله تعالى، وسليه لابنتك خيرا، وأن يحفظها من كيد الكائدين، وحسد الحاسدين.

وإن كنت قصدت بما ذكرت أن ابنة أختك بدأت تخرج متزينة، فهذا منكر يجب إنكاره عليها، وبذل النصح لها، فالدين النصيحة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يلزم أن تكون النصيحة منك مباشرة، فيمكنك أن تسلطي عليها بعض المقربين إليها من ذوي الحكمة واللطف، ليقوموا بهذا الدور.

 وفي الختام نسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوبكم، ويصلح ذات بينكم، وييسر لكم جميعا الخير، ويبعد عنكم الشر، إنه ولي ذلك وهو خير مجيب.

والله أعلم.

www.islamweb.net