حكم ترك الزواج والاشترط على الزوج ألا يكون له حقّ التأديب والقوامة

11-10-2020 | إسلام ويب

السؤال:
أنا فتاة، ولم أتزوج بعد، ولا أريد الزواج؛ لأني أشعر أن متاعبه أكثر من متعته. ولكن عندما علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفضل الزواج، أردت أن أبحث عن زوج صالح. ولكن شخصيتي ليست شخصية طاعة، ولا أريد أن أتزوج؛ لأن الإسلام أمر الزوجة بطاعة زوجها.
وأنا أعلم أنني لست من هذا النوع الذي يطيع كل ما يطلب منه، أحب أن أتصرف بحريتي الكاملة دون قيود. فلماذا أتزوج وآخذ سيئات لعدم طاعة زوجي؟
عندما أتزوج بشخص، سأتزوج لأجل الجزء العاطفي من حياتي، ليس لأني أريد أن ينفق علي، أو يرعاني؛ لأني عندما كنت في الجامعة قد قدمت للقبول في منحة، وقبلت فيها، وسافرت لأكمل تعليم الجامعة، ولهذا السبب لدي شهادة جيدة، وعمل جيد ودخل جيد، فلا أحتاج لماله.
وفي نقطة الحماية: تلقيت دروسا من مدربة محترفة، للدفاع عن النفس. وأمارس رياضة، ولدي قوة بدنية تؤمن أمني. ولدي بيت اشتريته بمالي الخاص، فلست بحاجة له لحمايتي.
وسؤالي هو: هل يكون علي ذنب إذا اشترطت عليه قبل الزواج أن نكون متساويين. بمعنى أن نعمل أنا وهو في عملنا، وعندما نعود منه نرتب بيتنا ونحضر الطعام معا. وإذا شاء الله ورزقنا بأولاد نربيهما معا. وإذا كان هناك قرار مصيري نتخذه سويا، ولا يتخذه بمفرده، ونتشارك في مصاريف المنزل، ولا يحق له تأديبي و.... الخ. وكما أنني لا أقصد المساواة المطلقة، وأعني بهذا أنني أعلم أن من حقه الطلاق، وأعلم أنني سوف أكون مسؤولة عن أبنائي أكثر منه.
فإذا قبل هذه الشروط. هل يكون علي وعليه إثم؟
وكلما أخبرت أحدا بهذا السؤال يستغرب أني أسأل مثل هذا السؤال، ولا يعطيني إجابة مفيدة، ولكني أسأله لخوفي من عدم رضا الله -عز وجل- علما بأنني فتاة ملتزمة والحمد لله بصلاتي وصومي، والصدقات، وصلاة السنن والحجاب، ولا أكلم الذكور إلا إذا تطلبت الحاجة ذلك.
إذا لم أتزوج ومت. هل أعتبر شهيدة، حتى إذا لم أتزوج بإرادتي، وأبعدت نفسي عن الفتن؟
أرجو الرد، وآسفة على الإطالة.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالزواج في الأصل مندوب إليه شرعاً، وفيه معنى العبادة.

قال العيني: لأن فيه معنى العبادة، فإن النكاح سنة الأنبياء والمرسلين، وفيه تحصيل نصف الدين، وقد تواترت الأخبار والآثار في توعد من رغب عنه، وتحريض من رغب فيه. انتهى من البناية شرح الهداية.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في العمدة: النكاح من سنن المرسلين، وهو أفضل من التخلي منه لنفل العبادة. انتهى.
لكن تركه جائز غير محرم؛ إلا لمن يخشى على نفسه الوقوع في الحرام، فيجب عليه الزواج رجلا كان أو امرأة.

قال البهوتي -رحمه الله- في شرح منتهى الإرادات: وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ، وَعَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًا، وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا, مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَرْفِهَا عَنْ الْحَرَامِ, وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف، عند الكلام على أقسام النكاح: حيث قلنا بالوجوب، فإن المرأة كالرجل في ذلك. انتهى.
وعليه؛ فإن كنت لا تخشين على نفسك الوقوع في الحرام، فلا حرج عليك في ترك الزواج، لكن الأولى والأفضل ألا تُعرضي عن الزواج، فإن فيه مصالح عظيمة دينية ودنيوية، وخوفك من عدم القيام بحق الزوج ليس مسوّغاً لترك الزواج.

 وأمّا اشتراطك على الزوج ألا يكون له حقّ التأديب والقوامة عليك؛ فهذا غير جائز، وإذا شرط فهو شرط باطل غير لازم؛ لمخالفته لما جاء في كتاب الله تعالى من إثبات هذا الحقّ للزوج.

ففي صحيح البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ، شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ.
وننبهك إلى أنّ طاعة الزوجة لزوجها ليست طاعة مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة بالشرع والمعروف، وراجعي الفتوى: 144069
قال ابن عطية -رحمه الله- في المحرر الوجيز في تفسير قوله تعالى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ {البقرة:228}:

 قال ابن عباس: تلك الدرجة إشارة إلى حض الرجال على حسن العشرة، والتوسع للنساء في المال والخلق.

أي إن الأفضل ينبغي أن يتحامل على نفسه، وهذا قول حسن بارع. انتهى.
واعلمي أنّ العبد عليه أن يجاهد نفسه ويزكيها حتى تنقاد لأمر الله تعالى، وتستسلم لأمره، والأخلاق تكتسب بالتعود والتمرين. فعن أبي الدرداء قال: العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم. ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. رواه الخطيب في تاريخه.
وأمّا بخصوص كون المرأة إذا ماتت وهي بكر لم تتزوج؛ داخلة في الشهداء، فلعلك تقصدين ما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ، شَهِيدٌ. رواه مالك في الموطأ وأبو داود في سننه.
فالمشهور عند أهل العلم أنّ المراد به المرأة تموت في نفاسها، أو تموت وفي بطنها ولدها.

 قال أبو العباس القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: وأما المرأة تموت بجمع، ويُقال: بضم الجيم وكسرها. فهي المرأة تموت حاملًا، وقد جمعت ولدها في بطنها. وقيل: هي التي تموت في نفاسه وبسببه. وقيل: هي التي تموت بكرًا لم تفتض، وقيل: بكرًا لم تظهر لأحد. والأول أولى وأظهر. والله تعالى أعلم. انتهى.

وراجعي الفتوى: 142393.

وللفائدة، ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

www.islamweb.net