من سجّل سيارته باسم صديقه صوريًّا وقام بتغييرات فيها دون إذن صاحبها

20-9-2022 | إسلام ويب

السؤال:
أنا مغترب في إحدى البلدان، واضطررت للتنازل شكلًا -وليس بيعًا- عن سيارتي، وجعلها باسم صاحب لي من أبناء البلد لأسباب خاصة؛ لكوني في بلد غريب، ولكي أتمكّن من استخدامها، ثم منعني من استخدامها بحجة خوفه من حصول حادث؛ حتى أنه هدّدني بتقديم بلاغ سرقة عليّ حالَ حدوث حادث، وأصبحت السيارة أغلب الوقت عنده، وفجأة غيّر رقم السيارة دون إخباري، وعندما أردت تصليح السيارة منعني، وحدثت مشكلة بينا، واضطررت للسفر، وعند عودتي تفاجأت أنه قام بتصليحها دون إخباري، وقام بتغييرات إضافية بمبلغ كبير، وخيّرني بين دفع المبلغ كاملًا، أو بيع السيارة له، واقتطاع المبلغ من سعرها، فما حكم السيارة شرعًا؟ وهل حكمها حكم الأمانة؟ وهل يجوز شرعًا هذا التصرّف من صاحبي؟ علمًا أنني في بلد غريب، وعندما تنازلت عن السيارة شكلًا كنت مضطرًّا، وثقةً به، وبعد الاتفاق معه أن التنازل شكليٌّ؛ لكي أتمكّن من استخدامها. وشكرًا جزيلًا.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالتنازل والتسجيل الصوري للأملاك، لا ينقل ملكيتها عن مالكها، كما سبق بيانه في الفتوى: 192551.

ولذلك فإن هذه السيارة باقية على ملك السائل، ووجودها عند صاحبه إنما هو على سبيل الأمانة، أو الوديعة، والمودع عنده يجب عليه بالإجماع ردّ الوديعة لصاحبها عند طلبها، قال ابن حزم في «مراتب الإجماع»، وابن القطان في «الإقناع»: اتفقوا أن على كل ‌مودع ‌أن ‌يفي ‌بوديعته. اهـ.

وقال ابن المنذر في «الإشراف»: أجمع أهل العلم على أن ‌الأمانات ‌مؤدّاة ‌إلى ‌أربابها: الأبرار منهم والفجّار. اهـ.

وقال ابن قدامة في «المغني»: لا خلاف في ‌وجوب ‌ردّ ‌الوديعة على مالكها، إذا ‌طلبها، فأمكن أداؤها إليه بغير ضرورة، وقد أمر الله تعالى بذلك، فقال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها}، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخنْ من خانك"، يعني عند طلبها. ولأنها حق لمالكها لم يتعلّق بها حق غيره؛ فلزم أداؤها إليه، كالمغصوب، والدَّين الحالّ. اهـ.

وإذا أبى الوديع ردّ الوديعة، ومنعها من صاحبها؛ فله حكم الغاصب؛ فيضمنها إذا تلفت، ولا يكون له الرجوع على صاحبها بما أنفق عليها. 

وعلى ذلك؛ فما قام به صاحبك من إصلاح، أو تغييرات إضافية في السيارة، من غير حاجة، ودون إذنك؛ ليس له الرجوع به عليك، وغاية الأمر أن ما زاده من إضافات قائمة بنفسها في السيارة؛ فله أخذها، قال الكاساني في «بدائع الصنائع»: لو غصب دارًا، فجصّصها، ثم ردّها، قيل لصاحبها: أعطِه ما زاد التجصيص فيها، إلا أن يرضى صاحب الدار أن يأخذ الغاصب جصّه؛ لأن للغاصب فيها عين مال متقوّم قائم، وهو الجص؛ فلا يجوز إبطال حقّه عليه من غير عوض، فيخيّر صاحب الدار؛ لأنه صاحب أصل. فإن شاء أخذها، وغرم للغاصب ما زاد التجصيص فيها، وإن شاء رضي بأن يأخذ جصّه. اهـ.

وجاء في الفتاوى الهندية: لو غصب حيوانًا، فكبر، وازدادت قيمته؛ كان للمالك أن يأخذه، ولا شيء للغاصب، وكذلك لو غصب جريحًا أو مريضًا، فداواه حتى برئ وصحّ، وكذا لو غصب أرضًا فيها زرع أو نخل فسقاه، أو كان نخلًا فأبّره، ولقحه، وقام عليه؛ فهو له، ولا شيء ‌للغاصب ‌فيما ‌أنفق. اهـ.

وجاء في «النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات»: لو غصب دارًا لا يقدر أن يسكنها إلا بإصلاح، فسقف فيها، ‌وأصلح، وردم، وحفر حتى سكن، فلربّها أخذها، وأخذ غلّتها بلا غرم شيء، إلا ما لو نزع كان له ‌قيمة؛ فله أن يعطيه قيمته مطروحًا بعد أجر قلعه. اهـ.

وفيها أيضًا: لو اغتصب مركبًا خربًا، فأنفق في قلفطته، وزفته، وأطرافه، وحوائجه، ثم اغتلّ غلّة كثيرة، فلرَبّه أخذه مقلفطًا مصلوحًا بجميع غلّته، ولا غرم عليه فيما أنفقه، إلا مثل الأرجل، والصاري، والحبال، وما إذا أخذ وجد له ثمنًا. اهـ.

والله أعلم.

www.islamweb.net