رجوع الوليّ عن الخطبة لأجل خاطب آخر دون رضا المرأة

26-10-2022 | إسلام ويب

السؤال:
تقدّمت لخطبة فتاة، وحصلت الرؤية الشرعية، والموافقة من طرفهم، واتفقنا على التفاصيل والأمور المادية، ووقت الخطبة الذي سيكون سنة، وتم إحضار الشبكة على ما اتفقنا، ثم سافرت إلى الدولة التي أعمل بها، وبعد شهرين من الخطبة تفاجأت بأبيها يبلغني مع أحد الأشخاص أنه يريد التراجع، علمًا أنني والعروس على توافق تام، وقال للشخص: إن السبب هو الأمور المادية.
فتواصلت معه مباشرة لأفهم، فقال لي: يسّر الله أمرك، ليس هناك نصيب، فقلت له: لماذا؟ هل حدث شيء جعلك تغير رأيك؟ فقال لي نصًّا: "لا يوجد نصيب، وخلاص، ولو قلتَ: لا يوجد نصيب، ما كنتُ لأسألك عن السبب"، فتواصلتْ أختي مع العروسّ لتعرف السبب، فقالت لها: إنها راضية بالخِطبة، وسبب الرفض ليس منها، وإنها لا تريد الإنهاء، وقد علمت أن هناك شخصًا آخر يريد خِطبتها، وأنه ابن صديق والدها، وأن والدها يريدها لذلك الشخص، وهذا على خلاف رغبتها، فما حكم الشرع في حالتي إن كنت أنا وهي متوافقين، ونريد إتمام الزواج؟

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 ففسخ الخطبة من جهة المرأة أو وليّها؛ جائز، إذا كان له مسوِّغ.

وإذا لم يكن لمسوّغ؛ فهو مكروه غير محرم؛ لأنّ الخطبة وعد غير مُلزِم، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا يكره للوليّ الرجوع عن الإجابة، إذا رأى المصلحة لها في ذلك؛ لأن الحق لها، وهو نائب عنها في النظر لها؛ فلم يكره له الرجوع الذي رأى المصلحة فيه، كما لو ساوم في بيع دارها، ثم تبيّن له المصلحة في تركها.

ولا يكره لها أيضًا الرجوع إذا كرهت الخاطب؛ لأنه ‌عقد ‌عُمر يدوم الضرر فيه؛ فكان لها الاحتياط لنفسها، والنظر في حظّها.

وإن رجعا عن ذلك لغير غرض، كره؛ لما فيه من إخلاف الوعد، والرجوع عن القول، ولم يحرم؛ لأن الحق بعد لم يلزمهما. انتهى.

لكن إذا كان الرجوع من أجل خاطِب آخر؛ فقد ذهب بعض أهل العلم إلى تحريمه؛ فقد جاء في حاشية الدسوقي -رحمه الله- على الشرح الكبير: واعلم أن ردّ المرأة، أو وليّها بعد الركون للخاطب، لا يحرم، ما لم يكن الردّ لأجل خطبة الثاني. انتهى.

وإذا رضيت الفتاة الرشيدة كفئًا؛ فليس لوليّها منعها من تزوجه دون مسوّغ، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا عضلها وليّها الأقرب؛ انتقلت الولاية إلى الأبعد. نصّ عليه أحمد. وعنه رواية أخرى: تنتقل إلى السلطان...

ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها، إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. انتهى. وراجع الفتوى: 32427.

وإذا اختارت الفتاة الرشيدة كفئًا، واختار وليّها كفئًا غيره؛ فاختيارها أولى من اختيار وليّها، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والتعويل ‌في ‌الردّ والإجابة على الوليّ، إن كانت ‌مجبرة، وعليها إن لم تكن ‌مجبرة؛ لأنها أحّق بنفسها من وليّها.

ولو أجاب هو، ورغبت عن النكاح؛ كان الأمر أمرها.

وإن أجاب وليّها، فرضيت، فهو كإجابتها.

وإن سخطت فلا حكم لإجابته؛ لأن الحق لها.

ولو أجاب الوليّ في حق المجبرة، فكرهت المجاب، واختارت غيره؛ سقط حكم إجابة وليّها؛ لكون اختيارها مقدّمًا على اختياره.

وإن كرهته، ولم تجز سواه؛ فينبغي أن يسقط حكم الإجابة أيضًا؛ لأنه قد أمر باستئمارها؛ فلا ينبغي له أن يُكرِهها على من لا ترضاه. انتهى.

والراجح عندنا أنّه لا يجوز إجبار البِكْر الرشيدة على الزواج، وراجع الفتوى: 31582.

فنصيحتنا لوالد هذه الفتاة أن يتّقي الله فيها، ولا يمنعها من تزوّج من رضيته دون مسوّغ، وألا يجبرها على الزواج ممن لا ترغب في زواجه.

ونصيحتنا لك -إذا لم يرضَ والدها- أن تخطب غيرها، ولا تحاول الرجوع إليها.

والله أعلم.

www.islamweb.net