الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن لم يترتب على هذا الغضب أي نوع من الإساءة لوالدك، فليس من العقوق في شيء.
قال بدر الدين العيني في عمدة القارئ: قال الشيخ تقي الدين السبكي: إن ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع من أنواع الأذى، قلَّ، أو كثر، نهيا عنه، أو لم ينهيا، أو يخالفهما فيما يأمران، أو ينهيان، بشرط انتفاء المعصية في الكل. انتهى.
والغضب على حرمات الله مطلوب شرعا، وهو دليل إيمان، ولا خير فيمن لا يغار، ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه.
والواجب نصح والدك فيما ذكرت عنه من منكرات، وينبغي أن يكون النصح برفق، ولين، والأولى أن يكون ذلك من بعض المقربين إليه، ومن لهم مكانة عنده يرجى أن يسمع لقوله، ويستجيب لنصحه.
ومنع والدك لك من زيارة أهله، إن كان لغرض صحيح، كأن يخشى عليك ضررا حقيقيا، وليس متوهما، فالواجب عليك طاعته، وإن لم يكن لغرض صحيح، فلا تجب عليك طاعته.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 76303، والفتوى: 272299، ففيهما بيان حدود طاعة الوالدين.
وإن لم تمكن الزيارة، فلك صلتهم بوسائل الصلة الأخرى، كالاتصال الهاتفي، ونحوه، فقد ذكر أهل العلم أن كل ما عده العرف صلة، فهو صلة، قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وأما صلة الرحم فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل، والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة، والسلام، وغير ذلك. انتهى.
والله أعلم.