الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 83 ] مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر وأعن يا كريم

أخبرنا الإمام الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسين الشافعي قراءة عليه قال : أخبرنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي ، وأبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي ، وحدثني أبي وأبو الحسن علي بن سليمان المرادي ، عن زاهر ، قال : أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي الحافظ رحمه الله ، قال : الحمد لله الواحد ، القديم ، الماجد ، العظيم ، الواسع ، العليم ، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وعلمه أفضل تعليم ، وكرمه على كثير ممن خلق أبين تكريم . أحمده ، وأستعينه ، وأعوذ به من الزلل ، وأستهديه لصالح القول والعمل ، وأسأله أن يصلي على النبي المصطفى ، الرسول الكريم المجتبى ، محمد خاتم النبيين وسيد المرسلين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، ويسلم كثيرا .

أما بعد فإن الله - جل ثناؤه وتقدست أسماؤه - بفضله ولطفه وفقني لتصنيف كتب مشتملة على أخبار مستعملة في أصول الدين وفروعه ، والحمد لله على ذلك كثيرا . ثم إني [ ص: 84 ] أحببت تصنيف كتاب جامع أصل الإيمان وفروعه وما جاء من الأخبار في بيانه وحسن القيام به لما في ذلك من الترغيب والترهيب ، فوجدت الحاكم أبا عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي - رحمنا الله وإياه - أورد في " كتاب المنهاج المصنف في شعب الإيمان " المشار إليها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من حقيقة كل واحدة من شعبه ، وبيان ما يحتاج إليه مستعمله من فرضه وسننه وأدبه وما جاء في معناه من الأخبار والآثار - ما فيه كفاية ، فاقتديت به في تقسيم الأحاديث على الأبواب ، وحكيت من كلامه عليها ما تبين به المقصود من كل باب ، إلا أنه - رضي الله عنه - اقتصر في ذلك على ذكر المتون وحذف الإسناد تحريا للاختصار ، وأنا - على رسم أهل الحديث - أحب إيراد ما أحتاج إليه من المسانيد والحكايات بأسانيدها ، والاقتصار على ما لا يغلب على القلب كونه كذبا . ففي الحديث الثابت عن سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " . وحكينا عن الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله تعالى - روايته عن سفيان بن عيينة أنه قال : حدثني الزهري يوما بحديث فقلت : هاته بلا إسناد ، فقال الزهري : أترقى السطح بلا سلم! [ ص: 85 ]

وقد ذكرت إسناد هذا الحديث وهذه الحكاية في " كتاب المدخل " ، وأوردت في " كتاب الأسماء والصفات " و " كتاب الإيمان " و " القدر " و " الرؤية " و " دلائل النبوة " ، و " البعث والنشور " و " عذاب القبر " و " الدعوات " ، ثم في الكتب المخرجة في السنن على ترتيب مختصر أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني - رحمه الله - من الأخبار والآثار - ما وقعت الحاجة إليه في كل باب : فاقتصرت في هذا الكتاب على إخراج ما يتبين به بعض المراد وأحلت الباقي على هذه الكتب خوفا من الملال في الإطناب . واستعنت بالله - عز وجل - في ذلك وفي جميع أموري استعانة من لا حول له ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . [ ص: 86 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية