الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حق حمده وصلى الله على محمد وآله وسلم

1 - ذكر ما يدل على أن الإيمان الذي أمر الله عز وجل عباده أن يعتقدوه ، ما سأل جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعلم أصحابه أمر دينهم .

1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده الحافظ أسعده الله . قال أنبأ أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل ، ثنا محمد بن عبيد الله بن أبي داود ، ثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، أنبأ كهمس [ ص: 117 ] بن الحسن ، عن عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال : كان معبد الجهني أول من تكلم في القدر هاهنا ، يعني بالبصرة ، قال : فانطلق يحيى بن يعمر ، وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين ، شك كهمس ، فقالوا : لو لقينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسأله عن هذا الأمر ، قال يحيى بن يعمر : فوقع لنا عبد الله بن عمر وهو داخل المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي ، أحدنا عن يمينه والآخر عن يساره . قال : فظننت أن صاحبي سيبدأ بالكلام ، قال : فقلت : أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ، ويتقفرون العلم ، وهم [ ص: 118 ] يزعمون أن لا قدر ، إنما الأمر أنف . فقال ابن عمر : إذا لقيتهم فأخبرهم أني بريء منهم ، وأنهم براء مني ، والذي يحلف به عبد الله لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا ، فأنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر ، ثم قال ابن عمر : أخبرني عمر بن الخطاب قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد سواد الشعر شديد بياض الثياب لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبته ووضع كفيه على فخذيه ، ثم قال : يا محمد أخبرني عن الإسلام ، قال : " تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " ، قال : صدقت ، قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال : أخبرني عن الإيمان ، قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره " ، قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان ، قال : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ، قال : فأخبرني عن الساعة ، قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . قال : فأخبرني عن أماراتها يعني أعلامها ، فقال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " ، قال : ثم انطلق . فلبثت ثلاثا ، ثم قال : " يا عمر أتدري من [ ص: 119 ] السائل ؟ " ، قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " فإنه جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم " .

[ ص: 120 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية