الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الوعد الأمين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

( أما بعد ) فلما رأيت حاجة طلاب المرحلة الأولى من معهد القراءات ماسة إلى كتاب يجمع ما في الشاطبية والدرة من القراءات ، وضعت هذا الكتاب ، وضمنته القراءات العشر من طريقي التيسير والتحبير ، والشاطبية والدرة ، وقد سلكت فيه مسلك صاحب غيث النفع في ترتيبه ونظامه ، فأذكر كل ربع من القرآن الكريم على حدة . وأذكر ما فيه من كلمات الخلاف كلمة كلمة مبينا خلاف الأئمة العشرة في كل منها ، سواء أكان ذلك الخلاف من قبيل الأصول ، أم من قبيل الفرش ، وبعد الانتهاء من الربع على هذه الكيفية أذكر آخر كلمة فيه وأنبه على أنها آخر الربع . ثم أقول " الممال " وأحصر جميع الكلمات الممالة ، ضاما النظير إلى نظيره ، مبينا عند كل كلمة ونظيرها من يميلها ومن يقللها ، غير أني لم أحذ حذو صاحب الغيث في جمعه بين من يميل ومن يقلل كقوله : الدنيا لهم وبصري ، من غير أن يميز المميلين من المقللين اعتمادا على ما ذكره في المقدمة من قاعدة كل منهم . بل أذكر الكلمة ومثيلاتها ثم أصرح باسم من يميلها باتفاق أو اختلاف ومن يقللها كذلك زيادة في البيان ، ومبالغة في الإيضاح . ثم بعد الفراغ من بيان " الممال " على هذا الوجه أقول " المدغم " وأقسمه إلى قسمين : صغير وكبير ، فأبدأ بالصغير وأذكر فيه ما احتواه الربع من الكلمات التي يتحقق فيها هذا النوع من الإدغام ، ثم أبين من يظهرها ومن يدغمها من القراء العشرة ، ثم أثني بالكبير فأستوعب الكلمات التي يتحقق فيها هذا النوع من الإدغام أيضا ولكني لا أنبه على من يدغمها اعتمادا على ذكره في أول ربع من القرآن . ولأنه من المعلوم بداهة عند المشتغلين بهذا الفن أن السوسي هو صاحب هذا المذهب . فإن وافقه أحد من العشرة على إدغام بعض الكلمات أنبه عليه فأقول :

" وقد وافقه على إدغام كذا من الكلمات فلان "

وسوف لا أتعرض لشيء من أبواب الأصول ، اكتفاء بذكر قاعدة كل قارئ أو راو [ ص: 6 ] عند أول موضع ، واستغناء عن ذلك بذكر جميع هاءات الضمير وبيان حكمها في مواضعها ، وذكر جميع الألفاظ الممالة في القرآن الكريم وبيان حكمها لجميع القراء . وحصر جميع الألفاظ المدغمة سواء كان إدغامها من قبيل الإدغام الصغير أم من قبيل الإدغام الكبير مع بيان حكمها أيضا . واستقصاء ياءات الإضافة . وياءات الزوائد مع بيان حكم كل في موطنه ، وسأعنى - إن شاء الله تعالى - بباب وقف حمزة وهشام على الهمز لدقته ، وصعوبة مسلكه . فلا أترك كلمة من الكلمات المهموزة إلا وأبين - في إيضاح وجلاء - ما فيها من الأوجه لهما عند الوقف إلا إذا تكررت كثيرا فأكتفي بالإشارة إلى ما فيها من الأوجه المبعثرة وقد أجمع الكلمات المنتشرة في الربع المبعثرة في جوانبه التي تكررت مرارا سواء كانت من الأصول أم من الفرش . مثل : الصلاة . خيرا . البيوت . القرآن . إسرائيل ، وأنظمها في سلك واحد ، وأحكم عليها حكما واحدا فأقول " جلي " أو " واضح " أو " لا يخفى " طلبا للاختصار . وحذرا من كثرة التكرار .

وقد التزمت في بيان أواخر الأرباع ما في المصحف المصري الأميري سواء وافق ما في الغيث أم خالفه .

ويعلم الله أني لم أدخر وسعا في توضيح العبارة ، وتبسيط الأسلوب ، وتجنب التعقيد ، والبعد عن الصعوبة ما استطعت إلى ذلك سبيلا .

وأملي في ربي جل جلاله وطيد أن يكسو هذا الكتاب ثوب القبول ، وأن ينفع به العاكفين على دراسة هذا العلم الجليل ، وأن يضعه في كفة الحسنات من ميزان عملي ، وأن يجعله لي ضياء ونورا يسعى بين يدي يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم .

خادم العلم والقرآن

عبد الفتاح القاضي

التالي السابق


الخدمات العلمية