الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              فصل

                                                              وأما قولكم: إنه لم يصرح بسماعه من يعقوب بن عتبة، فعلى تقدير ثبوت العلم بهذا النفي: لا يخرج الحديث عن كونه حسنا، فإنه قد لقي يعقوب، وسمع منه، وفي "الصحيح" قطعة من الاحتجاج بعنعنة المدلس: كأبي الزبير، عن جابر، وسفيان، عن عمرو بن دينار، ونظائر [ق244] كثيرة لذلك.

                                                              وأما قولكم: تفرد به يعقوب بن عتبة، ولم يرو عنه أحد من أصحاب [ ص: 235 ] "الصحيح"; فهذا ليس بعلة باتفاق المحدثين، فإن يعقوب لم يضعفه أحد، وكم من ثقة قد احتجوا به، وهو غير مخرج عنه في "الصحيحين"

                                                              وهذا هو الجواب، عن تفرد محمد بن جبير عنه، فإنه ثقة.

                                                              وأما قولكم: إن ابن إسحاق اضطرب فيه ... إلى آخره - فقد اتفق ثلاثة من الحفاظ - وهم: عبد الأعلى وابن المثنى وابن بشار: على وهب بن جرير، عن أبيه، عن ابن إسحاق: أنه حدث به، عن يعقوب بن عتبة، وجبير بن محمد، عن أبيه، وخالفهم أحمد بن سعيد الرباطي فقال: عن وهب بن جرير، عن أبيه: سمعت محمد بن إسحاق يحدث، عن يعقوب بن عتبة، عن جبير، فإما أن يكون الثلاثة أولى، وإما أن يكون يعقوب رواه عن جبير بن محمد، فسمعه منه ابن إسحاق، ثم سمعه من جبير نفسه، فحدث به على الوجهين.

                                                              وقد قيل: إن الواو غلط، وإن الصواب:" عن يعقوب بن عتبة، عن جبير بن محمد، عن أبيه"، والله أعلم.

                                                              وأما قولكم: إنه اختلف في لفظه، فبعضهم قال "ليئط به"، وبعضهم لم [ ص: 236 ] يذكر لفظة "به"; فليس في هذا اختلاف يوجب رد الحديث، فإذا زاد بعض الحفاظ لفظة لم ينفها غيره، ولم يرو ما يخالفها، فإنها لا تكون موجبة لرد الحديث.

                                                              فهذا جواب المنتصرين لهذا الحديث. قالوا: وقد روي هذا المعنى، عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير حديث ابن إسحاق، فقال محمد بن عبد الله الكوفي - المعروف بمطين - حدثنا عبد الله بن الحكم وعثمان قالا: حدثنا يحيى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة، فعظم أمر الرب، ثم قال : إن كرسيه فوق السماوات والأرض، وإنه يقعد عليه، فما يفضل منه مقدار أربع أصابع-، ثم قال بأصابعه فجمعها-، وإن له أطيطا كأطيط الرحل... الحديث.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية