الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا الآية . فيه ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : أنه نهي من الله عن التعرض لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسخاطه لأن دعاءه يوجب العقوبة وليس كدعاء غيره ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنه نهي من الله عن دعاء رسول الله بالغلظة والجفاء وليدع بالخضوع والتذلل : يا رسول الله ، يا نبي الله ، قاله مجاهد ، وقتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : أنه نهي من الله عن الإبطاء عند أمره والتأخر عند استدعائه لهم إلى الجهاد ولا يتأخرون كما يتأخر بعضهم عن إجابة بعض ، حكاه ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : أنهم المنافقون كانوا يتسللون عن صلاة الجمعة لواذا أي يلوذ بعضهم ببعض ينضم إليه استتارا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن على المنافقين أثقل من يوم الجمعة وحضور الخطبة فنزل ذلك فيهم ، حكاه النقاش .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : أنهم كانوا يتسللون في الجهاد رجوعا عنه يلوذ بعضهم ببعض لواذا فنزل ذلك فيهم ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        وقال الحسن معنى قوله : لواذا أي فرارا من الجهاد ، ومنه قول حسان بن ثابت :

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 129 ]

                                                                                                                                                                                                                                        وقريش تجول منكم لواذا لم تحافظ وخف منها الحلوم



                                                                                                                                                                                                                                        فليحذر الذين يخالفون عن أمره فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : يخالفون عن أمر الله ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        ومعنى قوله : يخالفون عن أمره أي يعرضون عن أمره ، وقال الأخفش : عن في هذا الموضع زائدة ومعنى الكلام فليحذر الذين يخالفون أمره ، وسواء كان ما أمرهم به من أمور الدين أو الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                        أن تصيبهم فتنة فيها ثلاثة تأويلات :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : كفر ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : عقوبة ، قاله ابن كامل .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : بلية تظهر ما في قلوبهم من النفاق ، حكاه ابن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        أو يصيبهم عذاب أليم فيه قولان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : القتل في الدنيا ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : عذاب بجهنم في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية