الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون

                                                                                                                                                                                                                                        (4) يخبر تعالى عن كمال قدرته بخلقه السماوات والأرض في ستة أيام أولها، يوم الأحد، وآخرها الجمعة، مع قدرته على خلقها بلحظة، ولكنه تعالى رفيق حكيم.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم استوى على العرش الذي هو سقف المخلوقات، استواء يليق بجلاله.

                                                                                                                                                                                                                                        ما لكم من دونه من ولي يتولاكم، في أموركم، فينفعكم ولا شفيع [ ص: 1362 ] يشفع لكم، إن توجه عليكم العقاب.

                                                                                                                                                                                                                                        أفلا تتذكرون فتعلمون أن خالق الأرض والسماوات، المستوي على العرش العظيم، الذي انفرد بتدبيركم، وتوليكم، وله الشفاعة كلها، هو المستحق لجميع أنواع العبادة.

                                                                                                                                                                                                                                        (5) يدبر الأمر القدري والأمر الشرعي، الجميع هو المتفرد بتدبيره، نازلة تلك التدابير من عند المليك القدير من السماء إلى الأرض فيسعد بها ويشقي، ويغني ويفقر، ويعز، ويذل، ويكرم، ويهين، ويرفع أقواما، ويضع آخرين، وينزل الأرزاق.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم يعرج إليه أي: الأمر ينزل من عنده، ويعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون وهو يعرج إليه، ويصله في لحظة.

                                                                                                                                                                                                                                        (6) ذلك الذي خلق تلك المخلوقات العظيمة، الذي استوى على العرش العظيم، وانفرد بالتدابير في المملكة، عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم فبسعة علمه، وكمال عزته، وعموم رحمته، أوجدها، وأودع فيها، من المنافع ما أودع، ولم يعسر عليه تدبيرها.

                                                                                                                                                                                                                                        (7) الذي أحسن كل شيء خلقه أي: كل مخلوق خلقه الله، فإن الله أحسن خلقه، وخلقه خلقا يليق به، ويوافقه، فهذا عام.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم خص الآدمي لشرفه وفضله فقال: وبدأ خلق الإنسان من طين وذلك بخلق آدم عليه السلام، أبي البشر.

                                                                                                                                                                                                                                        (8) ثم جعل نسله أي: ذرية آدم ناشئة من ماء مهين وهو النطفة المستقذرة الضعيفة.

                                                                                                                                                                                                                                        (9) ثم سواه بلحمه، وأعضائه، وأعصابه، وعروقه، وأحسن خلقته، ووضع كل عضو منه، بالمحل الذي لا يليق به غيره، ونفخ فيه من روحه بأن أرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، فيعود بإذن الله حيوانا بعد أن كان جمادا.

                                                                                                                                                                                                                                        وجعل لكم السمع والأبصار أي: ما زال يعطيكم من المنافع شيئا فشيئا، حتى أعطاكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون الذي خلقكم وصوركم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية