الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ما أهم الناس من الصلح ومجيء أبي جندل ]

فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو ، إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد ، قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح ، لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع ، وما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه دخل على الناس من ذلك أمر عظيم ، حتى كادوا يهلكون ؛ فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ، وأخذ بتلبيبه ، ثم قال : يا محمد قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا ؛ قال : صدقت ، فجعل ينتره بتلبيبه ، ويجره ليرده إلى قريش ، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته : يا معشر المسلمين ، أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني ؟ فزاد ذلك الناس إلى ما بهم .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا جندل ؛ اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا ، وأعطيناهم على ذلك ، وأعطونا عهد الله ، وإنا لا نغدر بهم ؛ قال : فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ، ويقول : اصبر يا أبا جندل ، فإنما هم المشركون ، وإنما دم أحدهم دم كلب قال : ويدني قائم السيف منه . قال : يقول عمر : [ ص: 319 ] رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه ؛ قال : فضن الرجل بأبيه ، ونفذت القضية
.

التالي السابق


الخدمات العلمية