الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء


              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا جعفر بن محمد بن فارس ، ثنا محمد بن حميد ، ثنا عمر بن هارون ، عن عبد الجليل بن عطية القيسي ، عن شهر بن حوشب ، قال : إن لله ملكا يقال له : صديقا ، بحور الدنيا السبع في نقرة إبهامه .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا الفضل بن العباس ، ثنا يحيى بن بكير ، ثنا مسلم بن خالد ، عن ابن أبي حسين ، عن شهر بن حوشب ، أنه حدثه قال : كان يقال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم ثم حشر الله من فيها من [ ص: 62 ] الجن والإنس ، ثم أخذوا مصافهم من الأرض ، ثم نزل أهل السماء بمثل من في الأرض ، ومثلهم معهم من الجن والإنس ثم أخذوا مصافهم من الأرض ، حتى إذا كانوا على رؤوس الخلائق أضاءت الأرض لوجوههم ، فيخر أهل الأرض ساجدين ، ثم أخذوا مصافهم ثم ينزل أهل السماوات السبع على قدر ذلك من التضعيف ، قال : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) تحمله الملائكة على كواهلها بأيد وعزة وحسن وجمال ، حتى إذا استوى على كرسيه نادى ( لمن الملك اليوم ) ، فلم يجبه أحد ، فيعطفها على نفسه فقال : ( لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ) ، كذا حدثناه عن شهر بن حوشب .

              ومشهوره ما حدثناه أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا هوذة بن خليفة ، ثنا عوف ، عن المنهال ، عن شهر ، عن ابن عباس ، قال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا ، وجمع الخلائق بصعيد واحد جنهم وإنسهم ، فذكر الحديث وزاد : فينادي مناد : ستعلمون من أهل الكرم ، ليقم الحمادون لله على كل حال ، فيقومون فيسرحون إلى الجنة ، ثم ينادي مناد : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ، ليقم الذين كانت : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع ) الآية ، فيقومون فيسرحون إلى الجنة ، ثم ينادي ثالثة : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ، ليقم الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، فيقومون فيسرحون إلى الجنة .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن منيع ، ثنا أبو نصر التمار ، ثنا حماد بن سلمة ، عن سيار بن سلامة ، عن شهر بن حوشب ، قال : إذا حدث الرجل القوم فإن حديثه يقع من قلوبهم موقعه من قلبه .

              حدثنا أبي ، وعبد الله بن محمد ، قالا : أنبأنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا عبد الجبار بن العلاء ، ثنا سفيان ، عن داود - يعني ابن شابور - عن شهر ، قال : قال لقمان لابنه : يا بني لا تطلب العلم لتباهي به العلماء وتماري به السفهاء ، ولا ترائي به في المجالس ، ولا تدع العلم زهادة فيه ورغبة في الجهالة ، فإذا [ ص: 63 ] رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم ، فإن تك عالما ينفعك علمك ، وإن تك جاهلا يعلموك ، ولعل الله أن يطلع عليهم برحمة فيصيبك بها معهم ، [ وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإنك إن تك عالما لا ينفعك علمك ، وإن تك جاهلا يزيدوك جهلا ، ولعل الله أن يطلع عليهم بسخطه فيصيبك بها معهم ] .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ح ، وحدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، قالا : ثنا علي بن مسلم ، ثنا سيار ، ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا أبو بكر الهذلي ، عن شهر بن حوشب ، قال : لما قتل ابن آدم أخاه مكث آدم مائة عام لا يضحك ، ثم أنشأ يقول :


              تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح     تغير كل ذي طعم ولون
              وقل بشاشة الوجه المليح

              .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، ثنا إبراهيم بن عبد الملك ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا عمرو بن واقد ، حدثني يزيد بن أبي مالك ، عن شهر ، قال : أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إني رأيت رجلا طويلا يكاد رأسه ينأى عن السماء ، فقال : أتصارعني ؟ [ فهبته ، ثم صارعته فصرعته ، ثم أتاني آخر لو نفخت عليه لطار فقال : أتصارعني ؟ ] فقلت : صرعت هذا الذي لا يرى رأسه وأنت لا أصارعك ؟ فأخذني وطرحني في النار ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن هذا الطويل العظيم الكبائر هالتك فنصرت عليها ، وإن هذا الصغير المحقرات ، فإياك أن تحملك فتلقيك في النار " .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا صالح المري ، عن حبيب بن محمد ، عن شهر ، عن أبي ذر ، قال : إن الله تعالى يقول : يا جبريل انسخ من قلب عبدي المؤمن الحلاوة التي كان يجدها ، قال : فيصير العبد المؤمن والها طالبا للذي كان يعهد من نفسه ، نزلت [ ص: 64 ] به مصيبة لم ينزل به مثلها قط ، فإذا نظر الله تعالى إليه على تلك الحالة ، قال : يا جبريل رد إلى قلب عبدي ما نسخت منه فقد ابتليته فوجدته صادقا ، وسأمده من قبلي بزيادة ، وإذا كان عبدا كاذبا لم يكترث به ولم يبال به .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار ، ثنا الهيثم بن خارجة ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن سليم أو سليمان بن حيان قال : سمعت شهر بن حوشب ، يقول : إن في جهنم لواديا يقال له غساق ، فيه ثلاثمائة وثلاثون شعبا في كل شعب ثلاثمائة وثلاثون قصرا في كل قصر ثلاثمائة وثلاثون بيتا في كل بيت أربع زوايا في كل زاوية شجاع في رأس كل شجاع ثلاثمائة وثلاثون عقربا ، في رأس كل عقرب ثلاثمائة وثلاثون قلة من سم ، لو أن عقربا منها نضحت أهل جهنم لأوسعتهم ، أعاذنا الله تعالى منه في العاقبة .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية