الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 89 ] بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الوكالة 1362 - مسألة : الوكالة جائزة في القيام على الأموال ، والتذكية ، وطلب الحقوق وإعطائها ، وأخذ القصاص في النفس فما دونها ، وتبليغ الإنكاح ، والبيع ، والشراء ، والإجارة ، والاستئجار - : كل ذلك من الحاضر ، والغائب سواء ، ومن المريض والصحيح سواء ، وطلب الحق كله واجب بغير توكيل ، إلا أن يبرئ صاحب الحق من حقه .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : { بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاة لإقامة الحدود ، والحقوق على الناس ، ولأخذ الصدقات وتفريقها } . وقد كان بلال على نفقات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان له نظار على أرضه بخيبر ، وفدك ; وقد روينا في " كتاب الأضاحي " من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني { عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أعطاه غنما يقسمها بين أصحابه } . وذكرنا في " الحج " من طريق سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أقسم جلودها وجلالها ومن طريق أبي داود نا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد نا [ عمي - هو يعقوب بن إبراهيم ] نا أبي - هو إبراهيم بن سعد - عن محمد بن إسحاق عن أبي نعيم وهب بن كيسان : سمعت جابر بن عبد الله يقول : أردت الخروج إلى [ ص: 90 ] خيبر فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أتيت وكيلي بخيبر فخذ منه خمسة عشر وسقا فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته } . وفي هذا الخبر تصديق الرسول إذا علم الوالي بصدقه بغير بينة .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم نا سلمة بن شبيب نا الحسن بن أعين نا معقل عن أبي قزعة الباهلي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري فذكر حديث التمر ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { بيعوا تمرها واشتروا لنا من هذا } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أبي داود نا حجاج بن أبي يعقوب الثقفي حدثنا معلى بن منصور نا عبد الله بن المبارك حدثنا معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أم حبيبة أم المؤمنين أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة - وهذا خبر منقول نقل الكافة .

                                                                                                                                                                                          { وأمر عليه السلام بأخذ القود ، وبالرجم ، والجلد ، وبالقطع } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أبي داود نا عبيد الله بن عمر بن ميسرة نا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة ، ورافع بن خديج { أن محيصة بن مسعود ، وعبد الله بن سهل انطلقا إلى خيبر فتفرقا في النخل فقتل عبد الله بن سهل فاتهموا اليهود فجاء أخوه عبد الرحمن بن سهل وابنا عمه حويصة ومحيصة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم عبد الرحمن في أمر أخيه وهو أصغرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الكبر الكبر أو قال : ليبدأ الأكبر ؟ فتكلما في أمر صاحبهما } .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : لا أقبل توكيل حاضر ، ولا من كان غائبا على أقل من مسيرة [ ص: 91 ] ثلاث ، إلا أن يكون الحاضر ، أو من ذكرنا مريضا ، إلا برضى الخصم - وهذا خلاف السنة وتحديد بلا برهان وقول لا نعلم أحدا قال قبله .

                                                                                                                                                                                          وقال المالكيون : لا نتكلم في الحقوق إلا بتوكيل صاحبها - وهذا باطل لما ذكرنا - ولقول الله تعالى : { كونوا قوامين بالقسط شهداء لله } . وقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } فواجب بما ذكرنا إنكار الظلم ، وطلب الحق لحاضر وغائب ، ما لم يترك حقه الحاضر - سواء بتوكيل أو بغير توكيل . وطلب الحق قد وجب ، ولا يمنع من طلبه قول القائل : لعل صاحبه لا يريد طلبه ، ويقال له : قد أمر الله تعالى بطلبه ، فلا يسقط هذا اليقين ما يتوقعه بالظن .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية