الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المثال الخامس والأربعون : من ترجيح المصالح على المفاسد : الغيبة مفسدة محرمة ، لكنها جائزة إذا تضمنت مصلحة واجبة التحصيل ، أو جائزة التحصيل ، ولها أحوال : أحدها : أن يشاور في مصاهرة إنسان فذكره بما يكره كما قال { صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس لما خطبها أبو جهم ومعاوية : إن أبا جهم ضراب للنساء ، وإن معاوية صعلوك لا مال له } فذكرهما بما يكرهانه [ ص: 114 ] نصحا لها ودفعا لضيق عيشها مع معاوية وتعريضا لضرب أبي الجهم . فهذا جائز ، والذي يظهر لي أنه واجب لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصح لكل مسلم .

الحالة الثانية : القدح في الرواة واجب ، لما فيه من دفع إثبات الشرع بقول من لا يجوز إثبات الشرع به ، لما على الناس في ذلك من الضرر في التحريم والتحليل وغيرهما من الأحكام .

وكذلك كل خبر يجوز الشرع الاعتماد عليه والرجوع إليه . الحالة الثالثة : جرح الشهود عند الحكام فيه مفسدة هتك أستارهم ، لكنه واجب لأن المصلحة في حفظ الحقوق من الدماء والأموال والأعراض والأبضاع والأنساب وسائر الحقوق أعم وأعظم ، فإن علم منه ذنبين أحدهما أكبر من الآخر لم يجز أن يجرحه بالأكبر لأنه مستغنى عنه ، وإن استويا تخير ولا يجمع بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية