الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد

                                                                                                                                                                                                                                        قد كانت لكم أسوة حسنة ذكر الكلبي والفراء أنه أراد حاطب بن أبي بلتعة، وفيها وجهان: [ ص: 518 ] أحدهما: سنة حسنة، قاله الكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: عبرة حسنة، قاله ابن قتيبة. في إبراهيم والذين معه من المؤمنين. إذ قالوا لقومهم يعني من الكفار. إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله فتبرؤوا منهم فهلا تبرأت أنت يا حاطب من كفار أهل مكة ولم تفعل ما فعلته من مكاتبتهم وإعلامهم.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم قال كفرنا بكم يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: كفرنا بما آمنتم به من الأوثان.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بأفعالكم وكذبنا بها. وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: تأسوا بإبراهيم في فعله واقتدوا به إلا في الاستغفار لأبيه فلا تقتدوا به فيه ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: معناه إلا إبراهيم فإنه استثنى أباه من قومه في الاستغفار له ، حكاه الكلبي . ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا فيه تأويلان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: معناه لا تسلطهم علينا فيفتنونا ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فنصير فتنة لهم فيقولوا لو كانوا على حق ما عذبوا ، قاله مجاهد ، وهذا من دعاء إبراهيم عليه السلام.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية