الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( الحمد لله ) افتتح كتابه بعد التيمن بالبسملة بحمد الله تعالى أداء لحق شيء مما يجب عليه من شكر نعمائه التي تأليف هذا الكتاب أثر من آثارها ، واقتداء بالكتاب العزيز ، وعملا بخبر { كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع } وفي رواية { بالحمد لله } وفي رواية { بحمد الله } وفي رواية " بالحمد " وفي رواية { كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم } رواه أبو داود وغيره وحسنه ابن الصلاح وغيره . ومعنى ذي بال : أي حال يهتم به ، وفي رواية لأحمد : { لا يفتتح بذكر الله فهو أبتر وأقطع . } فإن قيل نرى كثيرا من الأمور يبتدأ فيها بسم الله ولا تتم وكثيرا بعكس ذلك . قلنا : ليس المراد التمام الحسي ، ولهذا [ ص: 25 ] قال بعضهم : المراد من كونه ناقصا أن لا يكون معتبرا في الشرع ، ألا ترى أن الأمر الذي ابتدئ فيه بغير اسم الله غير معتبر شرعا وإن كان تاما حسا . ولا تعارض بين روايتي البسملة والحمدلة ; لأن الابتداء حقيقي وإضافي ، فالحقيقي حصل بالبسملة والإضافي بالحمدلة ، أو لأنه أمر عرفي يعتبر ممتدا فيسع أمرين أو أكثر ، أو ; لأن المقصود الابتداء بذكر الله على أي وجه كان بدليل رواية أحمد السابقة .

                                                                                                                            والحمد اللفظي لغة : هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري على قصد التعظيم سواء أتعلق بالفضائل أم بالفواضل ، وعرفا : فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما على الحامد أو غيره سواء كان ذكرا باللسان أم اعتقادا ومحبة بالجنان أم عملا وخدمة بالأركان " فمورد اللغوي [ ص: 26 ] هو اللسان وحده ومتعلقه يعم النعمة وغيرها ، ومورد العرفي يعم اللسان وغيره ومتعلقه يكون النعمة وحدها ، فاللغوي أعم باعتبار المتعلق وأخص باعتبار المورد ، والعرفي بالعكس . والشكر لغة : فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعما على الشاكر . وعرفا : صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله . والمدح لغة : الثناء باللسان على الجميل مطلقا على قصد التعظيم ، وعرفا : ما يدل على اختصاص الممدوح بنوع من الفضائل ، والذم نقيض الحمد ، والكفران نقيض الشكر ، والهجو نقيض المدح ، وجملة الحمد لله خبرية لفظا إنشائية معنى لحصول الحمد بها مع الإذعان لمدلولها .

                                                                                                                            وقيل إنها خبرية لفظا ومعنى ، ويجوز أن تكون موضوعة شرعا للإنشاء ، والحمد مختص بالله كما أفادته الجملة ، سواء أجعلت لام التعريف فيه للاستغراق كما عليه الجمهور وهو ظاهر ، أم للجنس كما عليه الزمخشري ; لأن لام لله للاختصاص فلا مرد منه لغيره ، إذ الحمد في الحقيقة كله [ ص: 27 ] له ، إذ ما من خير إلا وهو موليه بوسط أو غير وسط كما قال تعالى { وما بكم من نعمة فمن الله } وفيه إشعار بأنه تعالى حي قادر مريد عالم ، إذ الحمد لا يستحقه إلا من كان هذا شأنه ، أم للعهد كالتي في قوله تعالى { إذ هما في الغار } كما نقله الشيخ عز الدين بن عبد السلام ، وأجازه الواحدي على معنى أن الحمد الذي حمد الله به نفسه وحمده به أنبياؤه وأولياؤه مختص به ، والعبرة بحمد من ذكر فلا مرد منه لغيره ، وأولى الثلاثة الجنس ، ولما كان استحقاقه لجميع المحامد لذاته لم يقل الحمد للخالق أو للرازق أو نحوه لئلا يوهم أن استحقاقه الحمد لذلك الوصف ، إذ تعليق الحكم بالمشتق يشعر بعلية المشتق منه لذلك الحكم ، والحمد لله ثمانية أحرف وأبواب الجنة ثمانية ، فمن قالها عن صفاء قلبه استحق ثمانية أبواب الجنة .

                                                                                                                            ( البر ) بفتح الباء : أي المحسن ، وقيل اللطيف ، وقيل الصادق فيما وعد ، وقيل خالق البر بكسر الباء الذي هو اسم جامع للخير ، وقيل الرفيق بعباده يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر ، ويعفو عن كثير من سيئاتهم ولا يؤاخذهم بجميع جناياتهم ، ويجزيهم بالحسنة عشر أمثالها ولا يجزيهم بالسيئة إلا مثلها ، ويكتب لهم الهم بالحسنة ولا يكتب عليهم الهم بالسيئة ، ذكره البيهقي في كتابه الأسماء والصفات ( الجواد ) [ ص: 28 ] بالتخفيف : أي الكثير الجود أي العطاء ، قيل لم يرد بالجواد توقيف وأسماؤه تعالى توقيفية ، فلا يجوز اختراع اسم أو وصف له سبحانه وتعالى إلا بقرآن أو خبر صحيح مصرح به لا بأصله الذي اشتق منه فحسب : أي وبشرط أن لا يكون ذكره لمقابلة كما هو ظاهر نحو { أم نحن الزارعون } { والله خير الماكرين } وليس كذلك ، بل رواه الترمذي في جامعه والبيهقي في الأسماء والصفات مرسلا واعتضد بمسند وبالإجماع .

                                                                                                                            ( الذي جلت ) أي عظمت والجليل العظيم ( نعمه ) جمع نعمة بكسر النون بمعنى إنعام وهو الإحسان ، وأما النعمة بفتح النون فهي التنعم وبضمها المسرة ( عن الإحصاء ) بكسر الهمزة وبالمد : أي الضبط قال تعالى { أحصاه الله ونسوه } ( بالأعداد ) بفتح الهمزة : أي [ ص: 29 ] بجميعها إذ اللام فيها للاستغراق ، فاندفع ما قيل إن الأعداد جمع قلة ، والشيء قد لا يضبطه الشيء القليل ويضبطه الكثير ، فكان الصواب أن يعدل عنه ، ويعبر بالتعداد ونحوه والباء في الأعداد للاستعانة أو المصاحبة ، ونعم الله تعالى وإن كانت لا تحصى تنحصر في جنسين دنيوي وأخروي والأول قسمان موهبي وكسبي . والموهبي قسمان : روحاني كنفخ الروح فيه وإشراقه بالعقل وما يتبعه من القوى كالفكر والفهم والنطق . وجسماني كتخليق البدن والقوى الحالة فيه والهيئات العارضة له من الصحة وكمال الأعضاء .

                                                                                                                            والكسبي تزكية النفس عن الرذائل وتحليتها بالأخلاق والملكات الفاضلة وتزيين البدن بالهيئات المطبوعة والحلي المستحسنة وحصول الجاه والمال ، والثاني أن يعفو عما فرط منه ويرضى عنه ويبوئه في أعلى عليين مع الملائكة المقربين .

                                                                                                                            ( المان ) أي المنعم منا منه لا وجوبا عليه . وقيل المان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال ، وأما كون المان بمعنى معدد النعم وإن كان صفة مدح في حق الله تعالى لكنه لا يناسب هذا التركيب ( باللطف ) أي بالإقدار على الطاعة ، إذ هو بضم اللام وسكون الطاء الرأفة والرفق ، وهو من الله خلق قدرة الطاعة في العبد ، وبفتح اللام والطاء لغة فيه ، [ ص: 30 ] ويطلق على ما يبر به الشخص ( والإرشاد ) أي الهداية للطاعة فإنه مصدر أرشده بمعنى وفقه وهداه ، والرشاد والرشد بضم الراء وإسكان الشين وبفتحها نقيض الغي وهو الهدى والاستقامة ، يقال رشد يرشد رشدا بوزن عجب يعجب عجبا وبوزن أكل يأكل أكلا بضم الهمزة ( الهادي إلى سبيل الرشاد ) أي الدال على طريق الاستقامة بلطف ، ومن أسمائه الهادي وهو الذي بصر عباده طريق معرفته حتى أقروا بربوبيته .

                                                                                                                            وهداية الله تعالى تتنوع أنواعا لا يحصيها عد لكنها تنحصر في أجناس مترتبة :

                                                                                                                            الأول إفاضة القوى التي يتمكن بها من الاهتداء إلى مصالحه كالقوة العقلية والحواس الباطنية والمشاعر الظاهرة .

                                                                                                                            والثاني نصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد .

                                                                                                                            والثالث الهداية بإرسال الرسل وإنزال الكتب .

                                                                                                                            والرابع أن يكشف على قلوبهم السرائر ويريهم الأشياء كما هي بالوحي أو الإلهام والمنامات الصادقة وهذا قسم يختص بنيله الأنبياء والأولياء ( الموفق للتفقه ) اللام فيه للتعدية ( في الدين من لطف به ) مفعول الموفق والضمير في به لمن باعتبار لفظها ( واختاره ) له ( من العباد ) المفعول الثاني لاختار ، [ ص: 31 ] واللام فيه للجنس أو للاستغراق أو للعهد ، وأشار بهذا إلى خبر { من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين } متفق عليه ، والتوفيق خلق قدرة الطاعة وتسهيل سبيل الخير ، ويعبر عنه بما يقع عند صلاح العبد أخرة وهو عكس الخذلان .

                                                                                                                            وفي الحديث { لا يتوفق عبد حتى يوفقه الله } وفي أوائل الإحياء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { قليل من التوفيق خير من كثير من العلم } قال القاضي الحسين : والتوفيق المختص بالمتعلم أربعة أشياء : شدة العناية ، ومعلم ذو نصيحة ، وذكاء القريحة واستواء الطبيعة : أي خلوها عن الميل لغير ذلك وإن لم يرتسم فيها وتتكيف بما يخالف الشيء الملقى إليها . ولما كان التوفيق عزيزا لم يذكر في القرآن إلا في قوله تعالى { وما توفيقي إلا بالله } { إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } { إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا } وظاهر أن المراد ذكر لفظه وإلا فالآيتان المتأخرتان ليستا من التوفيق المذكور .

                                                                                                                            والتفقه أخذ الفقه شيئا فشيئا . والفقه لغة الفهم ، وقيل فهم ما دق . قال النووي : يقال فقه يفقه فقها كفرح يفرح فرحا ، وقيل فقها بسكون القاف وابن القطاع وغيره يقال : فقه بالكسر إذا فهم ، وفقه بالضم إذا صار الفقه له سجية ، وفقه بالفتح إذا سبق غيره إلى الفهم .

                                                                                                                            وشرعا : العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية وموضوعه أفعال المكلفين ; لأنه يبحث فيه عنها ، والدين ما شرعه الله من الأحكام ، وهو وضع [ ص: 32 ] سائق إلهي لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما هو خير بالذات .

                                                                                                                            وقيل الطريقة المخصوصة المشروعة ببيان النبي صلى الله عليه وسلم المشتملة على الأصول والفروع والأخلاق والآداب ، سميت من حيث انقياد الخلق لها دينا ، ومن حيث إظهار الشارع إياها شرعا وشريعة ، ومن حيث إملاء الشارع إياها ملة ( أحمده أبلغ حمد ) أي أنهاه ( وأكمله ) أي أتمه . قال بعضهم : قصد بذلك أن يكون حمده على الوجه الذي عليه أهل الحق لا كما وقع للمعتزلة من نفي صفاته الحقيقية وبعض الإضافية ( وأزكاه ) أي أنماه ( وأشمله ) أي أعمه .

                                                                                                                            المعنى : أصفه بجميع صفاته ; لأن كلا منها جميل ، ورعاية جميعها أبلغ في التعظيم المراد بما ذكر ، إذ المراد به إيجاد الحمد لا الإخبار بأنه سيوجد ، وهو أبلغ من حمده الأول كما أفاده الشارح ; لأنه ثناء بجميع الصفات برعاية الأبلغية كما تقدم ، وذاك بواحدة منها وهي الثناء عليه بأنه مالك لجميع الحمد من الخلق ، أو مستحق لأن يحمدوه ، وإن لم تراع الأبلغية هنا بأن يراد الثناء بالجميل فإنه يصدق بالثناء بكل الصفات وببعضها ، وذلك البعض أعم من تلك الصفة لصدقه بها وبغيرها وبها مع غيرها الكثير فالثناء به أبلغ من الثناء بما في الجملة أيضا ، نعم الثناء بها من حيث تفصيلها أوقع في النفس من الثناء به .

                                                                                                                            واعترض بأنه كيف يتصور أن يصدر منه عموم الحمد مع أن بعض المحمود عليه وهو النعم لا يتصور حصرها كما سبق . وأجيب بأن المراد نسبة عموم المحامد إلى الله تعالى على جهة الإجمال بأن يعترف مثلا باتصاف الله تعالى بجميع [ ص: 33 ] صفات الكمال الجلالية والجمالية ، وقد عبر المصنف أولا بالجملة الاسمية الدالة على الدوام والثبوت " وثانيا بالجملة الفعلية الدالة على التجدد والحدوث ، واقتدى في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ففي خبر مسلم وغيره أن الحمد لله نحمده ونستعينه ( وأشهد ) أي أعلم ( أن لا إله ) أي لا معبود بحق في الوجود ( إلا الله ) الواجب الوجود ( الواحد ) أي الذي لا تعدد له فلا ينقسم بوجه ولا نظير له ، فلا مشابهة بينه وبين غيره بوجه ( الغفار ) أي الستار لذنوب من أراد من عباده المؤمنين فلا يظهرها بالعقاب عليها .

                                                                                                                            وقد صرح بكلمة لا إله إلا الله في القرآن في سبعة وثلاثين موضعا ، ولم يقل القهار بدل الغفار ; لأن معنى القهر مأخوذ مما قبله ، إذ من شأن الواحد في ملكه القهر . ولما كان من شروط الإسلام ترتيب الشهادتين عطف المصنف الشهادة الثانية على الأولى فقال ( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار ) من الخلق لدعوة من بعث إليه من الأحمر والأسود إلى دين الإسلام ، وقول الشارح من الناس ليدعوهم فيه إشارة إلى أنه لم يبعث إلى الملائكة وهو الراجح كما أوضحه الوالد رحمه الله في فتاويه ، [ ص: 34 ] لكن عبارة الشارح قد تخرج الجن مع أنه مبعوث إليهم ، فإما أن يقال بشمول الناس لهم كما عزي للجوهري وعليه فلا اعتراض ، أو أنهم دخلوا بدليل آخر . ومحمد علم منقول من اسم المفعول المضعف سمي به نبيا بإلهام من الله تعالى تفاؤلا بأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله المحمودة ، كما روي في السير أنه قيل لجده عبد المطلب وقد سماه في سابع ولادته لموت أبيه قبلها : لم سميت ابنك محمدا وليس من أسماء آبائك ولا قومك ؟ فقال : رجوت أن يحمد في السماء والأرض ، وقد حقق الله رجاءه كما سبق في علمه قال العلماء : ليس للمؤمن صفة أتم ولا أشرف من العبودية ، ولهذا أطلقها الله على نبيه في أشرف المواطن كقوله تعالى { سبحان الذي أسرى بعبده } { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده } { فأوحى إلى عبده ما أوحى } وقد روي { أن الله تعالى قال للنبي صلى الله عليه وسلم : بم أشرفك ؟ قال : بأن تنسبني إليك بالعبودية } .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : من شكر نعمائه ) بيان لما يجب ، ونبه به على أن شكر المنعم واجب بالشرع . قال شيخ الإسلام في حاشيته على جمع الجوامع ما حاصله : وليس المراد بوجوب الشكر أنه إذا أنعم الله على العبد بنعمة وجب عليه الشكر في مقابلتها حتى يأثم بتركه ، بل المراد أنه إذا شكر عليها أثيب ثواب الواجب ، وفيه كلام حسن في شرح الأربعين لابن حجر فليراجع ( قوله : وفي رواية بالحمد لله ) هو بالرفع : أي بهذا اللفظ ; لأنه الذي يظهر عليه التعارض ، أما لو قرئ بالجر كان بمعنى رواية لا يبدأ فيه بحمد الله ، ولا تعارض عليها ; لأن معناها بالثناء على الله ( قوله : وفي رواية بالحمد ) ظاهره أن لفظ أقطع مع كل منها ، وفي كلام ابن حجر ما يقتضي أنه كما ورد بها ورد بأجذم أو أبتر ، وعبارته : كل أمر لا يبدأ فيه بالحمد لله ، وفي رواية : بحمد الله فهو أجذم ، بجيم فمعجمة ، وفي رواية أقطع ، وفي أخرى أبتر : أي قليل البركة ، وقيل مقطوعها ، وفي رواية ببسم الله الرحمن الرحيم وفي أخرى بذكر الله ، وهي مبينة للمراد وعدم التعارض بفرض إرادة الابتداء الحقيقي فيهما ، وفي أخرى سندها ضعيف : لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة علي فهو أبتر ممحوق من كل بركة ا هـ .

                                                                                                                            ( قوله : فهو أجذم ) عبارة القاموس : الأجذم المقطوع اليد أو الذاهب الأنامل ، والجذام كغراب علة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله ، جذم كعني فهو مجذوم وأجذم ، ووهم الجوهري في منعه أي منع إطلاق أجذم على ذي الداء المخصوص ، ثم هذا التركيب ونحوه يجوز أن يكون من التشبيه البليغ بحذف الأداة ، والأصل هو كالأجذم في عدم حصول المقصود منه وأن يكون من الاستعارة ، ولا يضر الجمع فيه بين المشبه والمشبه به ; لأن ذاك إنما يمتنع إذا كان على وجه ينبئ عن التشبيه لا مطلقا للتصريح بكونه استعارة في نحو قد زرأ زراره على القمر على أن المشبه في هذا التركيب محذوف . والأصل هو ناقص كالأجذم ، فحذف المشبه وهو الناقص وعبر عنه باسم المشبه به ، فصار المراد من الأجذم الناقص ، وعليه فلا جمع بين الطرفين ، بل المذكور اسم المشبه به فقط ( قوله : وحسنه ابن الصلاح ) أي ذكر أنه حسن فلا يقال إنه مناف لما قاله ابن الصلاح ; لأن [ ص: 25 ] التحسين في عصره غيره ممكن ( قوله بغير اسم الله ) كما لو ابتدئ في الذبح بغير اسم الله مما يصيرها ميتة ( قوله : ; لأن الابتداء حقيقي ) لقائل أن يقول : حاصل هذا الجواب دفع التعارض بحمل الابتداء في خبر البسملة على الحقيقي وفي خبر الحمدلة على الإضافي ، فيرد عليه أن التعارض كما يندفع بهذا يندفع بعكسه ، فما الدليل على إيثار هذا ؟ ويجاب بأن الدليل عليه موافقة الكتاب العزيز ، وإلى ذلك يشير قوله وقدم البسملة إلخ ا هـ سم على البهجة ( قوله : والإضافي بالحمدلة ) أي ; لأن تعريف الأول هو الذي لم يتقدمه شيء ، وتعريف الثاني هو الذي تقدم على شيء سواء تقدم هو على غيره أو لا ، فبينهما عموم وخصوص مطلق يجتمعان فيما لم يتقدم عليه شيء ويتقدم هو على غيره ، وينفرد الإضافي فيما تقدم على غيره وتقدم عليه غيره ، فالابتداء بالبسملة حقيقي وإضافي ، وبالحمدلة إضافي لا غير ، ونقل بالدرس عن الشيخ أبي بكر الشنواني مثله ( قوله : الثناء باللسان ) ذكر اللسان مستدرك ; لأنه لا يكون إلا به .

                                                                                                                            والجواب أنه لبيان الواقع أو لدفع توهم أنه يكون الثناء ما دل على التعظيم وإن كان بغير اللسان ( قوله : سواء أتعلق بالفضائل أم بالفواضل ) سواء خبر مقدم ، وأتعلق وما بعده في موضع رفع على أنه مبتدأ . والمعنى تعلقه بالفضائل والفواضل مستو في أن الثناء على كل منهما حمد ، ويجوز أن سواء مبتدأ وما بعده مرفوع به بناء على عدم اشتراط الاعتماد في إعمال الوصف ، ويجوز أن سواء خبر مبتدإ محذوف وأن أداة الشرط مقدرة والجملة الاسمية دليل الجواب ، أو هي نفسه على الخلاف في مثله . والمعنى : إن تعلق الثناء بالفضائل أم بالفواضل فالأمران سواء ، وكتب عليه شيخنا الزيادي : الفضائل جمع فضيلة وهي النعم اللازمة كالعلم والشجاعة ، والفواضل جمع فاضلة وهي النعم المتعدية كالإحسان ا هـ . أقول : معنى قوله كالعلم والشجاعة أراد به الملكة الحاصلة عنده ، أما التعليم فنعمة متعدية ، وكذا دفع العدو المترتب على الشجاعة ( قوله : فمورد اللغوي ) أي المحل الذي يرد منه الحمد ويصدر ، ولو [ ص: 26 ] عبر بالمصدر بدل المورد لكان أولى ; لأن المورد هو ما تنتهي إليه الإبل الشاربة مثلا ، والمصدر هو ما تساق منه للماء ، واللسان محل يصدر منه الحمد لا أنه الذي يرد عليه ، لكن في اختيار المورد إشارة إلى أن الحمد كأنه صدر عن القلب فورد على اللسان ( قوله لكونه منعما على الشاكر ) أي أو غيره ، وسواء كان للغير خصوصية بالحامد كولده وصديقه أو لا ولو كافرا ( قوله : جميع ما أنعم الله به عليه ) هل يشترط لتسمية صرفها شكرا كون ذلك في وقت واحد أو لا ، فيكفي لتسميتها بذلك صرفها كلها في الطاعة ولو حصل في أوقات متفرقة فيه نظر ، وقوة ما نقله سم على ابن حجر عند حاشية شرح المطالع يفيد الأول ، ويمكن تصويره بمن حمل جنازة متفكرا في مصنوعات الله ، ناظرا لما بين يديه لئلا يزل بالميت ، ماشيا برجله إلى القبر ، شاغلا لسانه بالذكر وأذنه باستماع ما فيه ثواب كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

                                                                                                                            ( قوله : مطلقا على قصد التعظيم ) اختياريا كان أو غيره ( قوله : والذم نقيض الحمد ) أي فيكون لغة : ذكر عيوب الغير ، وعرفا : الإتيان بما يشعر بالتحقير ، وسواء كان باللسان أو بغيره ، وفي تعبيره بالنقيض تجوز ; لأن نقيض كل شيء رفعه ، ومجرد عدم الثناء لا يكون ذما ( قوله : والكفران نقيض الشكر ) عبر بالكفران دون الكفر لما قيل إن الكفر إنكار ما علم مجيء الرسول به ضرورة ، والكفران إنكار النعمة . وعبارة العيني على البخاري : الكفران مصدر كالكفر ، والفرق بينهما أن الكفر في الدين والكفران في النعمة ، وفي العباب الكفر نقيض الإيمان ، وقد كفر بالله كفرا ، والكفر أيضا جحود النعمة وهو ضد الشكر ، وقد كفرها كفورا وكفرانا ا هـ رحمهم الله . وفي المصباح : كفر بالله يكفر كفرا وكفرانا ، وكفر النعمة وبالنعمة أيضا جحدها ا هـ .

                                                                                                                            وهو صريح في أن الكفران يطلق على إنكار ما علم مجيء الرسول به فهو مساو للكفر فلا يتم ما في العيني ( قوله : معنى لحصول الحمد بها ) علة لقوله إنشائية ( قوله : ويجوز أن تكون إلخ ) قول آخر ( قوله : ; لأن لام لله للاختصاص ) قضيته أن اللام لو جعلت لغير الاختصاص لا تفيد الحصر ، وقد يشكل بما ذكروه من إفادة الاختصاص من نحو الكرم في العرب مما كان المبتدأ فيه معرفا فاللام الجنس سواء أكان الخبر معرفا بها أم لا ، فالأولى جعل القصر فيه [ ص: 27 ] مستفادا من كون المبتدإ فيه معرفا فاللام الجنس ، وقد أشار إلى أن المبتدأ المعرف فاللام الجنس محصور في الخبر شيخنا العلامة الأجهوري بقوله :

                                                                                                                            مبتدأ فاللام جنس عرفا منحصر في مخبر به وفا وإن عري منها وعرف الخبر
                                                                                                                            باللام مطلقا فعكس استقر

                                                                                                                            ا هـ .

                                                                                                                            ( قوله : وفيه إشعار ) أي في اختصاصه بالله ( قوله : والعبرة بحمد من ذكر ) أي أما حمد غيرهم فكالعدم فإذا صدر منهم حمد لغيره تعالى لا يفوت اختصاص الحمد به لما مر من أنه بمنزلة العدم ( قوله : وأولى الثلاثة الجنس ) أي ; لأنه يدل بالالتزام على ثبوت جميع المحامد له فهو استدلال برهاني ، وهو كدعوى الشيء ببينة الذي هو أقوى من الدعوة المجردة ( قوله أو نحوه ) أي ما ذكر ( قوله : استحق ثمانية أبواب ) أي استحق أن يدخل من أيها شاء فيخير بينها إكراما له ، وإنما يختار ما سبق في علم الله أنه يدخل منه ، فلا منافاة بين كونه إنما يدخل من الباب الذي علم الله أنه يدخل منه وبين تخييره بين الثمانية أبواب ( قوله وقيل اللطيف ) أشعرت حكايته ما عدا الأول بقيل بضعفه ، ويوافقه بل يصرح به قول ابن حجر ، فتفسيره باللطيف أو العالي في صفاته أو الخالق البر أو الصادق فيما وعد أولياءه بعيد : أي لما قدمه من أن البر بسائر مواده يرجع للإحسان كبر في يمينه : أي صدق ، وكبر الله حجه : أي قبله ، وأبر فلان على أصحابه : أي علاهم ، قال : إلا أن يراد بعض ماصدقات أو غايات البر ا هـ لكن نازعه سم بأن رجوعها إليه : أي الإحسان لا يقتضي أنه المدلول لجواز أنها المدلول من حيث خصوصها بل ظاهر الكلام ذلك فتأمله .

                                                                                                                            ( قوله : فيما وعد ) زاد ابن حجر أولياءه ( قوله : ولا يكتب عليهم الهم بالسيئة ) أي حيث يصمموا عليها ، وإلا كتب عليهم إثم التصميم دون إثم السيئة التي هموا بها ( قوله : الجواد ) والإشعار العاطف بالتغاير الحقيقي أو المنزل منزلته حذف هنا كقوله تعالى الملك القدوس مسلمات مؤمنات التائبون العابدون الآيات ، وأتى به في نحو الأول والآخر ثيبات وأبكارا الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ابن حجر ، وقوله [ ص: 28 ] الهم إذا اتصل بالفعل كما صرحت به عبارة جمع الجوامع خلافا لما وقع لشيخنا في حاشيته ( قوله : أي العطاء ) كذا في نسخ ، وفسرها شيخنا في حاشيته بالإعطاء : أي لأن العطاء هو الشيء المعطى ، والقصد وصف الله تعالى بكثرة الإسداء والإعطاء ، فالله سبحانه وتعالى كثير البذل والإعطاء لا ينقطع إعطاؤه في وقت ويعطي القليل والكثير ، وليس القصد أنه إذا أعطى لا يعطي إلا كثيرا الصادق بالإعطاء مرة واحدة ; لأنه خلاف الواقع ، على أنه في نسخ أي الإعطاء : ثم لا بد من تقييد الجود بأنه إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي كما فسروه به ( قوله أو خبر صحيح ) أي أو حسن كما قاله الشهاب ابن حجر في شرح الأربعين ( قوله : بمعنى إنعام ) لم يبقه على ظاهره لما فيه من إبهام أن سبب عدم حصرها جمعها فينافي صريحا { وإن تعدوا نعمت الله } المقتضي انتفاء الإحصاء عن كل فرد فرد من النعم [ ص: 29 ] وصحة الحمد عليها إنما هو من حيث صدورها عن الإنعام الذي هو من صفاته تعالى .

                                                                                                                            قيل ولأن نعمه تعالى محصاة ; لأن كل ما برز في الوجود كذلك ، وإنعامه صفة قائمة به لا نهاية لمتعلقاتها ، والأولى أولى ; لأنها وإن كانت محصاة في نفس الأمر لكن لا قدرة للبشر على عدها وإحصائها ، ولعل اقتصاره على تفسير النعمة بالإنعام أنه الأولى هنا ، وإلا فالنعمة كما تطلق على ذلك تطلق على الأثر الحاصل بالإنعام ، ومن ثم قال ابن حجر : وهي أي النعمة حقيقة كل ملائم تحمد عاقبته ، ومن ثم قالوا لا نعمة لله على كافر ، وإنما ملاذه استدراج انتهى .

                                                                                                                            ( قوله : إذ اللام فيها للاستغراق ) أي ; لأن المعرف بها مفردا كان أو جمعا للاستغراق إن لم يتحقق عهد ، فإفادتها للاستغراق وضعي لا يتوقف على قرينة ، فقول ابن حجر بقرينة المقام فيه نظر ( قوله : والأول ) أي الدنيوي ( قوله : وجسماني ) بكسر الجيم نسبة إلى الجسم ، وهو على خلاف القياس في النسب ; لأنه جسمي ( قوله : والثاني ) أي الأخروي ( قوله : وأما كون المان ) مبتدأ ( قوله : لكنه لا يناسب ) خبر ( قوله : أي بالإقدار على الطاعة ) هذا مشعر بأن الباء صلة المان . وقال الشيخ عميرة على المحلي ما نصه : الظاهر أن الباء سببية لئلا يلزم تعلق الإنعام بالإقدار على الطاعة انتهى بحروفه .

                                                                                                                            أقول : وهو غير صحيح ، وذلك ; لأن الإقدار صفة الباري فلا يكون منعما به ، ويمكن دفعه بأن المعنى أنعم عليه بأن جعله قادرا وجعل العبد قادرا على الطاعة أثر للإنعام ( قوله والرفق ) عطف تفسير ( قوله : قدرة الطاعة ) أي سواء كانت فعل مطلوب أو ترك معصية ، وهو بهذا المعنى مرادف للتوفيق . قال ابن حجر : وقد يطلق التوفيق على أخص من ذلك ، ومن ثم قال المتكلمون : اللطف ما يحمل المكلف على الطاعة ، ثم إن حمل على فعل المطلوب سمي توقيفا ، أو ترك القبيح سمي عصمة انتهى ( قوله وبفتح اللام ) عطف على بضم [ ص: 30 ] قوله : ويطلق على ما يبر به الشخص ) عبر عنه ابن حجر بقوله ما به صلاح العبد أخرة ، ويساويه التوفيق الذي هو خلق قدرة الطاعة في العبد ماصدقا لا مفهوما انتهى رحمه الله ( قوله : يقال رشد يرشد إلخ ) هذا قد يشعر بتساوي الاستعمالين وفي المختار ما يخالفه حيث قال : الرشاد ضد الغي ، يقال رشد يرشد مثل قعد يقعد رشدا بضم الراء ، وفيه لغة أخرى من باب طرب انتهى . لكن في المصباح ما يوافق كلام الشارح حيث قال : الرشد الصلاح وهو خلاف الغي والضلال وهو إصابة الصواب ، ورشد رشدا من باب تعب ورشد يرشد من باب قتل فهو أرشد والاسم الرشاد انتهى ( قوله : أي الدال ) زاد ابن حجر أو الموصل انتهى ( قوله : والرابع أن يكشف على قلوبهم ) أي يظهر على قلوبهم إلخ ( قوله : ويريهم الأشياء ) عطف تفسير . وفي نسخة عن قلوبهم الرين ( قوله : الموفق ) قال ابن حجر : أي المقدر ، وهو جرى على من يجيز غير التوقيفية إذا لم يوهم نقصا ( قوله : اللام فيه للتعدية ) أي فهو مفعول ثان للموفق ، والمفعول الأول من انتهى ابن حجر : وعليه فمن العباد بيان لمن .

                                                                                                                            ( قوله : المفعول الثاني ) أي مع صحة كونه مفعولا للموفق فيكون من باب التنازع ، وعلى هذا : أي قوله من العباد المفعول الثاني لاختار والمفعول الأول هو الهاء في اختاره ، ويجوز أن من العباد بيانا لمن ، وعليه فمفعول اختار الثاني قوله الذي قدره الشارح فللتفقه صلة الموفق لا على جهة المفعولية ، وهذا [ ص: 31 ] هو الوجه الثاني في ابن حجر ، والأول أنه بيان لمن ، وعليه فالمفعول الثاني لاختار قوله الذي قدره الشارح رحمه الله ( قوله : متفق عليه ) أي من البخاري ومسلم كما هو مصطلح المحدثين ( قوله : وتسهيل سبيل الخير ) تبع فيه بعضهم احترازا عن الكافر ونحوه ، فلا توفيق عندهم مع قدرتهم لسلامة أعضائهم ، لكن رد بأن القدرة هي الصفة المقارنة للفعل ، وعليه فالكافر ونحوه لا قدرة له ( قوله ويعبر عنه ) أي مجازا لكونه لازما للتوفيق ، وهذا إن فسر ما به صلاح العبد بما يكون من صفة بني آدم ، وإلا بأن فسر بما هو من فعله تعالى كخلقه الأحوال التي تكون في العبد كان مساويا للتوفيق ( قوله : أخرة ) أي في آخر أمره وهو بوزن درجة سيد ( قوله : من كثير من العلم ) أي الخالي عن التوفيق .

                                                                                                                            ( قوله : والتوفيق المختص إلخ ) أي والمراد به تيسير الأسباب الموافقة للمقصود والمحصلة له ( قوله : شدة العناية ) أي الاعتناء بالطلب ودوامه ( قوله : وإن لم يرتسم فيها ) أي ما يلقى إليه من المعلم ولو ظنه خطأ ، ثم بعد انتهائه يتأمل فيه بما عنده ، فإن ظهر له شبهة أو ردها على معلمه ليزيلها له إن أمكن ( قوله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ) تبع فيه بعضهم .

                                                                                                                            وفي ابن حجر أنه لعزته لم يذكر في القرآن إلا مرة في هود ، قال : وليس منه { إلا إحسانا وتوفيقا } { يوفق الله بينهما } من الوفاق الذي هو ضد الخلاف انتهى رحمه الله ، وقد أشار إلى ذلك بقوله وظاهر إلخ ( قوله : وقيل فقها بسكون القاف ) قضيته أن ذلك مع فتح الفاء ولا مانع منه ( قوله بالأحكام الشرعية العملية ) أي المتعلقة بكيفية عمل كوجوب الصلاة والنية ، ومنه يعلم أن المراد بالعمل ما يشمل عمل القلب ( قوله : ; لأنه يبحث فيه عنها ) واستمداده من الأدلة المجمع عليها الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمختلف فيها كالاستصحاب [ ص: 32 ] ومسائله كل مطلوب خبري يبرهن عليه فيه . وفائدته امتثال الأوامر واجتناب النواهي . وغايته انتظام أمر المعاش والمعاد مع الفوز بكل خير دنيوي وأخروي انتهى ابن حجر بحروفه رحمه الله .

                                                                                                                            ( قوله : سائق إلهي لذوي العقول باختيارهم المحمود ) في بعض الحواشي على حواشي العضد لبعضهم احترز بقوله إلهي عن الأوضاع البشرية نحو الرسوم السياسية والتدبيرات المعاشية ، وقوله سائق لذوي الألباب احتراز عن الأوضاع الطبيعية التي تهتدي بها الحيوانات لخصائص منافعها ومضارها ، وقوله باختيارهم المحمود عن المعاني الاتفاقية والأوضاع القسرية ، وقوله إلى ما هو خير بالذات عن نحو صناعتي الطب والفلاحة ، فإنهما وإن تعلقا بالوضع الإلهي : أعني تأثير الأجسام العلوية والسفلية وكانتا سائقتين لأولي الألباب باختيارهم المحمود إلى صنف من الخير ، فليستا تؤديانهم إلى الخير المطلق الذاتي : أعني ما يكون خيرا بالقياس إلى كل شيء وهو السعادة الأبدية والقرب إلى خالق البرية انتهى ابن قاسم على ابن حجر .

                                                                                                                            ( قوله : وشريعة ) كما أن الشريعة مشرعة الماء وهي مورد الشاربة انتهى مختار ( قوله : أي أتمه ) هذا قد يقتضي التغاير بين الأبلغ والأتم ، وتفسير الشارح بما ذكره فيهما يقتضي عدم التغاير ، إذ المراد بالأتم الذي بلغ غاية الشيء هو حقيقة النهاية ، ثم ما ذكره من التعبير باسم التفضيل يقتضي أن النهاية والتمام لكل منهما أفراد بعضها أقوى من بعض ، وهو غير مراد ; لأن نهاية الشيء وتمامه لا تتفاوت فيهما ، اللهم إلا أن يقال : أراد بالتمام والنهاية ما يقرب منهما ( قوله : قصد بذلك ) أي بقوله أحمده أبلغ حمد إلخ ( قوله : الذي عليه أهل الحق ) من ثبوت الصفات الذاتية وغيرها ( قوله ورعاية ) تبع فيه الشارح في شرح جمع الجوامع ، ولا حاجة إليه هنا ; لأن أبلغ الحمد الذي ذكره المصنف لا يكون إلا كذلك ، إذ لو حمد ببعضها لم يكن أبلغ ( قوله : وهو أبلغ ) أي أحمده إلخ ( قوله : برعاية الأبلغية ) فيه ما تقدم ( قوله : وهي الثناء عليه ) أي قوله الحمد لله إلخ ( قوله : على جهة الإجمال ) [ ص: 33 ] أي باعتبار ما يليق بالمصنف ومعلوم أنه دون ما يمكن من الأنبياء إجمالا ( قوله : الجلالية ) كصفات السلب مثل ليس كمثله شيء والجمالية كوصفه بكونه غفورا رحيما إلى غير ذلك ( قوله إن الحمد لله ) اسمية ( قوله : نحمده ) فعلية وهذا ظاهر إن جعل قوله نحمده جملة مستأنفة ، وأن قوله إن الحمد لله بكسر الهمزة جملة مستقلة ، أما إذا قرئ أن الحمد بفتح الهمزة بتقدير اللام على معنى نحمده ; لأنه مستحق الحمد فهي جملة واحدة ( قوله : أي أعلم ) هل هو بضم الهمزة وكسر اللام كما هو المناسب لمعنى الشهادة أم لا انتهى ابن قاسم على ابن حجر رحمه الله .

                                                                                                                            لكن ضبطه بعض من كتب على خطبة المنهاج بضم الهمزة كما أشار إلى نقله عنه بالمعنى ابن قاسم أيضا حيث قال : قال الشهاب الإبشيطي في تعليقه على الخطبة : معناها هنا أعلم ذلك بقلبي وأبينه بلساني قاصدا به الإنشاء حال تلفظه ، وكذا سائر الأذكار والتنزيهات انتهى ، فقوله وأبينه بلساني ظاهر في أنه بضم الهمزة وهو المناسب لمعنى الشهادة ، ونقل عن ضبط الإمام النووي في تحرير التنبيه في باب الأذان أنه بضم الهمزة وكسر اللام .

                                                                                                                            أقول : وتجوز قراءته بفتح الهمزة واللام ( قوله إلا الله ) وفي نسخ زيادة وحده لا شريك له ، وحينئذ فوحده توكيد لتوحيد الذات ، وما بعده توكيد لتوحيد الأفعال ردا على نحو المعتزلة انتهى ابن حجر ( قوله من أراد من عباده المؤمنين ) يقتضي أن الكافر لا يغفر له شيء من المعاصي الزائدة على الكفر انتهى الشيخ عميرة . زاد في الحاشية الكبرى وهو ظاهر انتهى . ويوافقه تصريحهم في الجنائز بأنه لا يجوز الدعاء بالمغفرة للكافر ولا يرد عليه القول بأنه يجوز أن يغفر له سبحانه ما عدا الشرك ; لأنه لا يلزم من الجواز الوقوع الذي الكلام فيه ( قوله : في سبعة وثلاثين موضعا ) فيه تجوز ; لأنه لم يذكر فيه بهذه الصيغة إلا في موضعين فقط وحينئذ فالمراد أنه صرح فيما ذكر بنفي الألوهية عن غيره تعالى وإثباتها له ، تارة بلفظ لا إله إلا هو ، وتارة بلفظ لا إله إلا أنت ، أو إلا أنا ، أو إلا الذي ( قوله : ; لأن معنى القهر ) لا يقال هو معارض بما في التنزيل ; لأنا نقول المقام هنا مقام الوصف بما يدل على الرحمة والإنعام ، فكان ذكر الغفار هنا أنسب انتهى عميرة ( قوله : المصطفى المختار ) صفة كاشفة ( قوله : من الأحمر والأسود ) أي العرب والعجم ( قوله : وهو الراجح ) خلافا لابن حجر رحمه الله ، ومنه يعلم أنه لم يرسل للجمادات بالأولى .

                                                                                                                            وقال السبكي : [ ص: 34 ] إنه أرسل للملائكة ، والبارزي : إنه أرسل للجمادات ، واعتمده ابن حجر رحمه الله ( قوله : مع أنه مبعوث إليهم ) أي إجماعا يكفر منكره ; لأنه معلوم من الدين بالضرورة ، ابن حجر لكنا لا نعلم تفاصيل ما أرسل به إليهم ولا يلزم منه تكليفهم بالفروع التي كلفنا بها تفصيلا ، لكن في شرح إيضاح النووي للشارح ما نصه : فهم أي الجن مكلفون بجميع ما كلفنا به إلا ما ثبت خصوصه بهم انتهى ( قوله : بشمول الناس لهم ) أي لأخذهم الناس إذا تحرك ( قوله : من اسم المفعول المضعف ) أي المكرر العين ، وليس هو من التضعيف المصطلح عليه عند الصرفيين ، وهو في الثلاثي ما كانت عينه ولامه من جنس واحد كمد وفي الرباعي ما كانت فاؤه ولامه الأولى من جنس واحد وعينه ولامه الثانية من جنس واحد كزلزل ( قوله : تفاؤلا ) هو بالهمز كما في مختار الصحاح



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : واقتداء بالكتاب العزيز وعملا إلخ ) علتان للبداءة بالبسملة ، والحمدلة ، بخلاف قوله السابق : أداء لحق شيء مما وجب إلخ ، ويصح كونه علة لهما أيضا ; لأن البسملة أيضا متضمنة للشكر ; لأنه الوصف بالجميل ، وفيها ذلك من وصفه تعالى بالرحمة على الوجه المتقدم ( قوله : وفي رواية بحمد الله ) النكتة في ذكرها إفادة عدم اشتراط لفظ الحمد الذي أفادت اشتراطه الرواية الأولى ، ونكتة رواية بالحمد بعد هذه إفادة عدم اشتراط لفظ الجلالة في أداء الحمد ، ونكتة الرواية الأخيرة أنها [ ص: 25 ] نص في المقصود ; لأن ما هنا كلام بناه على الصحيح من أن مسمى الكتب الألفاظ باعتبار دلالتها على المعاني ( قوله : قال بعضهم ) هو البيضاوي في تفسيره ، وانظر ما معنى عدم اعتباره شرعا ( قوله : ألا ترى أن الأمر ) المراد به أمر خاص هو الذبح لغير الله كالذبح للأصنام كما أفاده شيخنا في حاشيته ، وحينئذ فلا يتم به المدعى ; لأن المدعى أن ما لا يذكر فيه اسم الله غير معتبر شرعا أعم من أن يذكر فيه غير اسم الله تعالى أو لا يذكر شيء ( قوله : في تعريف الحمد اللغوي كغيره على الجميل الاختياري ، وفي تعريف العرفي بسبب كونه منعما إلخ ) صريح في أن الثناء لا في مقابلة شيء لا يكون حمدا لغويا ولا عرفيا ، وهو ينافي تصريحهم بأن الحمد لا في مقابلة شيء مندوب وفي مقابلته واجب ، ولعل مرادهم بالشيء النعمة المتعدية وهي الفاضلة ( قوله : وعرفا ) معطوف على لغة وقسيم له وهما قسما اللفظي ، فيصير تقدير الكلام : والحمد اللفظي لغة ما مر ، وعرفا فعل إلخ .

                                                                                                                            وظاهر أن هذا لا يصح إذ الفعل أعم من أن يكون لفظيا وغيره كما سيأتي ، فلا بد من تأويل في العبارة ( قوله : ينبئ عن تعظيم المنعم ) لا يخفى أن الإنباء معناه الإخبار والدلالة مثلا ، وانظر ما معنى إخبار الجنان أو دلالته بالمعنى المقابل لإخبار اللسان ، والأركان أو [ ص: 26 ] دلالتهما ( قوله : وغيرها ) أي ، وهو الفضائل على ما قدمه ( قوله : على الشاكر ) أي وغيره كما هو كذلك في بعض النسخ ، لكن في أوائل تفسير الفخر الرازي اختيار اشتراط وصول النعمة إلى الشاكر في تحقق الشكر اللغوي ، فإن كانت النسخة الأولى نسخة الشيخ فلعله نحا هذا المذهب ( قوله : صرف العبد جميع إلخ ) أي في آن واحد كما هو ظاهر العبارة ، ويصرح به ما نقله الشهاب بن قاسم في حواشي التحفة عن الدواني ، وذلك بأن يكون الإنسان في مقام الإحسان المشار إليه في حديث جبريل ، وهو أظهر مما صوره به شيخنا في حاشيته كما لا يخفى ( قوله : على اختصاص الممدوح ) لعل المراد بالاختصاص التحقق بهذا النوع والاتصاف به ، لا أنه متفرد به عن غيره [ ص: 27 ] قوله : لم يقل الحمد للخالق ) أي ابتداء فلا ينافيه أنه قال بعد ذلك البر الجواد إلخ وأشار المصنف بهذا الصنيع إلى استحقاقه تعالى للحمد لذاته أولا وبالذات ، ولصفاته ثانيا وبالعرض .

                                                                                                                            ( قوله : أي المحسن ) رجع إليه الشهاب ابن حجر جميع الأقوال الآتية ، فما قالوه فيها ماصدقات أو غايات للإحسان ( قوله : ولا يكتب عليهم الهم ) أي وإن صمموا ; لأنهم إذا صمموا إنما يكتب عليهم التصميم المسمى بالعزم الذي هو رتبة فوق الهم ، وإنما يكتب عليهم [ ص: 28 ] الهم إذا اتصل بالفعل كما صرحت به عبارة جمع الجوامع خلافا لما وقع لشيخنا في حاشيته ( قوله : أي العطاء ) كذا في نسخ ، وفسرها شيخنا في حاشيته بالإعطاء أي ; لأن الإعطاء هو الشيء المعطى ، والقصد وصف الله سبحانه وتعالى بكثرة الإسداء ، والإعطاء لا ينقطع إعطاؤه في وقت ، ويعطي القليل ، والكثير ، وليس القصد أنه إذا أعطى لا يعطي إلا كثيرا الصادق بالإعطاء مرة واحدة ; لأنه خلاف الواقع ، على أنه في نسخ : أي الإعطاء ، ثم لا بد من تقييد الجود بأنه إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي كما فسروه به . ( قوله : أو خبر صحيح ) أي أو حسن كما قاله الشهاب ابن حجر في شرح الأربعين ( قوله : بمعنى إنعام ) لم يبقه على ظاهره لما فيه من إبهام أن سبب عدم حصرها جمعها فينافي صريحا { وإن تعدوا نعمة الله } المقتضي انتفاء الإحصاء عن كل فرد فرد من النعم : [ ص: 29 ] أي باعتبار المتعلقات ، فالحمل على الإنعام وإن أوهم أن عدم الإحصاء فيه جمعيته أيضا ، إلا أنه ليس فيه منافاة صريحة للآية ، وهذا ما أشار إليه الشهاب ابن حجر ووجهه شيخنا في حاشيته بغير هذا فراجعه ( قوله : إذ اللام فيها للاستغراق ) أي وهي إذا دخلت على الجمع أبطلت معنى الجمعية وصيرت أفراده آحادا على الصحيح .

                                                                                                                            ( قوله : منا منه ) أي تفضلا ، ولو عبر به لكان أولى ، على أنه لا حاجة إليه ; لأن نعم الله كلها كذلك .

                                                                                                                            وعبارة التحفة مع المتن المان من المنة وهي النعمة مطلقا ، أو بقيد كونها ثقيلة مبتدأة من غير مقابل يوجبها ، فنعمه تعالى من محض فضله إلى آخر ما ذكره ( قوله : إذ هو بضم اللام إلخ ) جواب عن سؤال مقدر كأن قائلا يقول : كيف فسرته بالإقدار آخره مع أن معناه في الأصل الرأفة والرفق ، والإقدار المذكور ليس من جملة معانيه ؟ وحاصل جوابه أنه إنما عدل عن الأصل لاستحالة معناه في حقه تعالى ( قول المصنف باللطف ) الباء فيه قال الشيخ عميرة إنها للسببية : أي [ ص: 30 ] لأنها لو جعلت للتعدية يلزم عليه محظور ، وهو أن الإقدار من أوصافه تعالى فلا معنى لإنعامه به وجعله منعما به كما وجهه بذلك شيخنا في حاشيته .

                                                                                                                            وأجاب عنه بما فيه وقفة .

                                                                                                                            وأقول : الإقدار وإن كان وصفا له تعالى إلا أنه صفة فعل ، فهو حادث فلا مانع من إنعامه به فتأمل ( قوله : ويطلق على ما يبر به الشخص ) بضم أول يبر وفتح ثانيه مبنيا للمجهول ، والضمير في يطلق يعود إلى اللطف بالفتح لأقرب مذكور خلافا لما في حاشية شيخنا ، وعبارة الصحاح : ألطفه بكذا أي بره والاسم اللطف بالتحريك ، يقال : جاءتنا لطفة من فلان : أي هدية ، وشيخنا فهم أن الضمير راجع إلى اللطف بالضم ، وعليه فيقرأ يبر بفتح أوله بمعنى يصير به بارا ولا يخفى ما فيه مع ما تقرر ( قوله : أي الهداية ) عقب قول المصنف الإرشاد هي بمعنى الإيصال إلى الطاعة الذي هو أحد معنييها بدليل قوله مصدر أرشده بمعنى وفقه وهداه ، وإنما صنع ذلك حتى لا يتكرر مع قول المصنف الآتي الهادي إلى الرشاد الذي هو بمعنى الدلالة المعنى الثاني للهداية ، وبهذا التقرير يظهر حسن ما سلكهالشيخ على ما قرره الشهاب ابن حجر هنا ( قوله : والرابع أن يكشف إلخ ) لا يظهر ترتيب هذا على ما قبله ; لأنه قسم برأسه ، وإنما يظهر ترتبه على الأول فلعل قوله مترتبة : أي في الجملة ( قول المصنف من لطف به ) أي أراد به الخير كما قاله المحقق الجلال المحلي أخذا من [ ص: 31 ] الخبر الآتي ، وبه يندفع ما يقال : اللطف مساو للتوفيق ماصدقا أو ومفهوما ، فيرجع كلام المصنف إلى تحصيل الحاصل ( قوله : له ) عقب قول المصنف واختاره تبع فيه المحقق المحلي ، لكن المحقق المذكور قدم له مرجعا هو لفظ الخير كما قدمته عنه في القول قبل هذه ، والشيخ لما حذف ذلك وتبعه هنا أوهم أن الضمير يرجع إلى الدين أو التفقه وليس له كبير فائدة ( قوله واللام فيه للجنس إلخ ) عبارة الشهاب ابن حجر عقب قول المصنف من العباد لفظها يصح أن يكون بيانا لمن ، فأل فيه للعهد ، والمعهود { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } إلى أن قال أو مفعولا ثانيا لاختاره فأل فيه للجنس ( قوله : وإن لم يرسم ) معطوف على قوله عن الميل [ ص: 32 ] قوله : على الوجه الذي عليه أهل الحق ) أي من إثبات جميع صفات الكمال له تعالى حقيقيها وإضافيها .

                                                                                                                            ووجه أنه لا يكون أبلغ وأكمل إلا إذا كان يجمع صفات الكمال ( قوله : ورعاية جميعها ) أي الصادق به الحمد المذكور من جملة ماصدقاته كما سيأتي في كلامه ( قوله : ; لأنه ثناء بجميع الصفات إلخ ) هذا التعليل ليس من كلام الشارح الجلال بل هو من الشارح هنا تعليل لكلام الجلال ، وقضيته أن الجلال إنما رجح ما هنا لهذا الغرض لا من حيث كونه جملة فعلية وكلام الشهاب بن قاسم في حواشي التحفة في مقام الرد على الشهاب ابن حجر في ترجيحه الأولى من حيث اسميتها صريح في خلافه فليراجع ( قوله : على وجه الإجمال ) ومع ذلك لا بد من ادعاء إرادة المبالغة ; لأن حمده ولو على وجه الإجمال بالمعنى [ ص: 33 ] المذكور دون حمد الأنبياء ولو إجماليا كما أشار إليه الشهاب بن قاسم ( قوله : أي أعلم ) هو بضم أوله كما ضبطه المصنف في تحرير التنبيه في باب الأذان ، إلا أن يفرق بين الأذان وما هنا بأن الأذان القصد منه الإعلام ( قوله : فلا مشابهة بينه وبين غيره ) أي في ذات ولا صفة ولا فعل ( قوله : وقد صرح بكلمة لا إله إلا الله ) فيه تسامح وإلا فالتصريح بهذا اللفظ لم يقع في القرآن إلا في موضعين ، فالمراد أنه صرح بما يدل على الوحدانية في هذه المواضع ولو بغير هذا اللفظ ( قوله : فيه إشارة إلخ ) مأخذ الإشارة الضمير في قوله ليدعوهم العائد إلى الناس ، ولهذا لما عبر [ ص: 34 ] الشارح هنا بالخلق وكان لا يرى بعثته صلى الله عليه وسلم إلى الملائكة الشامل لهم التعبير المذكور كالجمادات أظهر في قوله لدعوة من بعث إليهم ولم يضمر لئلا يتناقض كلامه ( قوله : بإلهام ) متعلق بسمي ، وقوله بأنه يكثر متعلق بقوله تفاؤلا ، والمعنى : أن الله ألهم جده بتسميته بهذا الاسم متفائلا ، أو لأجل التفاؤل .

                                                                                                                            وفي نسخة : سمي به نبينا بإلهام من الله تعالى تفاؤلا




                                                                                                                            الخدمات العلمية