الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
17172 7616 - (17624) - (4\180) عن هشام سعد، حدثني قيس بن بشر التغلبي، عن أبيه، - وكان جليسا لأبي الدرداء بدمشق - قال: كان بدمشق رجل يقال له ابن الحنظلية، متوحدا لا يكاد يكلم أحدا، إنما هو في صلاة، فإذا فرغ، يسبح ويكبر ويهلل، حتى يرجع إلى أهله. قال: فمر علينا ذات يوم ونحن عند أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء: كلمة منك تنفعنا ولا تضرك، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، فلما أن قدمنا جلس رجل منهم في مجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا فلان، لو رأيت فلانا طعن، ثم قال: خذها وأنا الغلام الغفاري، فما ترى؟ قال: ما أراه إلا قد حبط أجره، قال: فتكلموا في ذلك حتى سمع النبي صلى الله عليه وسلم أصواتهم فقال: " بل يحمد ويؤجر " قال: " فسر بذلك أبو الدرداء، حتى هم أن يجثو على ركبتيه، فقال أنت سمعته؟ مرارا، قال: نعم " ثم مر علينا يوما آخر، فقال أبو الدرداء كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " نعم الرجل خريم الأسدي لو قصر من شعره، وشمر إزاره " فبلغ ذلك خريما فعجل فأخذ الشفرة، فقصر من جمته، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه قال أبي: " فدخلت على معاوية فرأيت رجلا معه على السرير شعره فوق أذنيه، مؤتزرا إلى أنصاف ساقيه، قلت من هذا؟ قالوا: خريم الأسدي ".

قال: ثم مر علينا يوما آخر، فقال أبو الدرداء: كلمة منك تنفعنا ولا تضرك، قال: نعم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لنا: " إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، ولباسكم حتى تكونوا في الناس كأنكم شامة، فإن الله لا يحب الفحش، ولا التفحش" .


[ ص: 297 ]

التالي السابق


[ ص: 297 ] * قوله : "كأنكم شامة": - بتخفيف الميم - ، وهي الخال; أي: كالأمر المتبين الذي يعرفه كل من يقصده؟ إذ العادة دخول الإخوان على القادم قصدا لزيارته، فإن كان كالخال بينهم، لا يشتبه على قاصديه، وإلا، فقد يشتبه، فيتحير الزائر .

* * *




الخدمات العلمية