الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الحادي والمائة في وفود السابع إليه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو سعيد بن منصور ، والبزار ، وأبو يعلى ، والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : جاء ذئب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقعى بين يديه وجعل يبصبص بذنبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا وافد الذئاب جاء يسألكم أن تجعلوا له من أموالكم شيئا» . فقالوا : لا والله يا رسول الله ، لا نجعل له من أموالنا شيئا . فقام إليه رجل من الناس ، ورماه بحجر ، فسار وله عواء .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو نعيم ، والبيهقي من طريق الزهري عن حمزة بن أبي أسيد قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل فإذا ذئب مفترشا ذراعيه على الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا معترض فافرضوا له» . قالوا : ما نرى يا رسول الله . قال : «من كل سائمة شاة في كل عام» . قالوا : كثير فأشار إلى الذئب أن خالسهم ، فانطلق الذئب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد ، وأبو نعيم عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بالمدينة في أصحابه إذ أقبل ذئب فوقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعوى [بين يديه] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا وافد السباع إليكم ، فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا يعدوه إلى غيره ، وإن أحببتم تركتموه وتحررتم منه فما أخذ فهو رزقه» . فقالوا : يا رسول الله ، ما تطيب أنفسنا له بشيء . فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأصابعه أن خالسهم فولى وله عسلان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارمي ، وابن منيع في مسنده . وأبو نعيم من طريق شمر بن عطية عن رجل من مزينة أو جهينة قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ، فإذا هو بقريب من مائة ذئب قد أقعين [وكانوا] وفود الذئاب فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هؤلاء وفود الذئاب سألتكم أن ترضخوا لهم شيئا من فضول طعامكم وتأمنوا على ما سوى ذلك» فشكوا إليه حاجة ، قال : «فادنوهن» .

                                                                                                                                                                                                                              فخرجن ولهم عواء
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى محمد بن عمر ، وأبو نعيم عن سليمان بن يسار مرسلا قال : أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على الحرة فإذا ذئب واقف بين يديه فقال : «هذا يسأل من كل سائمة شاة» . فأبوا فأومأ إليه بأصابعه ، فولى . [ ص: 441 ]

                                                                                                                                                                                                                              تنبيه : في بيان غريب ما سبق :

                                                                                                                                                                                                                              أقعى : بهمزة مفتوحة فقاف ساكنة فعين مهملة وبالمد . هو إلصاق الألية بالأرض ونصب الساق والفخذ ووضع اليدين على الأرض .

                                                                                                                                                                                                                              يبصبص : بتحتية مضمومة فموحدة مفتوحة فصادين مهملتين بينهما موحدة مكسورة أي يحرك ذنبه .

                                                                                                                                                                                                                              عواء : بعين مهملة مضمومة فواو وبالمد ، أي صوت السباع وكأنه بالذئب والكلب أخص .

                                                                                                                                                                                                                              خالسهم : بخاء معجمة فألف فلام فسين مهملة . أي اذهب على غفلة .

                                                                                                                                                                                                                              عسلان : بعين فسين مهملتين فلام مفتوحة فألف فنون وهو سرعة المشي .

                                                                                                                                                                                                                              الحرة : بحاء وراء مهملتين مفتوحتين هي أرض ذات حجارة سود ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              نجز الجزء الثاني يتلوه جماع أبواب صفاته المعنوية ، والصلاة والسلام على خير البرية محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين ، آمين والحمد لله رب العالمين .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية