الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون

                                                                                                                                                                                                                                        هذا إقسام منه تعالى بالمشارق والمغارب، للشمس والقمر والكواكب، لما فيها من الآيات الباهرات على البعث، وقدرته على تبديل أمثالهم، وهم بأعيانهم، كما قال تعالى: وننشئكم في ما لا تعلمون .

                                                                                                                                                                                                                                        وما نحن بمسبوقين أي: ما أحد يسبقنا ويفوتنا ويعجزنا إذا أردنا أن نعيده. فإذا تقرر البعث والجزاء، واستمروا على تكذيبهم، وعدم انقيادهم لآيات الله.

                                                                                                                                                                                                                                        فذرهم يخوضوا ويلعبوا أي: يخوضوا بالأقوال الباطلة، والعقائد الفاسدة، ويلعبوا بدينهم، ويأكلوا ويشربوا، ويتمتعوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون فإن الله قد أعد لهم فيه من النكال والوبال ما هو عاقبة خوضهم ولعبهم.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم ذكر حال الخلق حين يلاقون يومهم الذي يوعدون، فقال: يوم [ ص: 1886 ] يخرجون من الأجداث أي: القبور، سراعا مجيبين لدعوة الداعي، مهطعين إليها كأنهم إلى نصب يوفضون أي: كأنهم إلى علم يؤمون ويقصدون فلا يتمكنون من الاستعصاء للداعي، والالتواء عن نداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين للقيام بين يدي رب العالمين.

                                                                                                                                                                                                                                        خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وذلك أن الذلة والقلق قد ملك قلوبهم، واستولى على أفئدتهم، فخشعت منهم الأبصار، وسكنت منهم الحركات، وانقطعت الأصوات.

                                                                                                                                                                                                                                        فهذه الحال والمآل، هو يومهم الذي كانوا يوعدون ولا بد من الوفاء بوعد الله تمت والحمد لله .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية