الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : روى عبد بن حميد ، عن الحسن رحمه الله تعالى قال : لما أنزل الله تعالى : وما أدري ما يفعل بي ولا بكم [الأحقاف : 9] عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخوف ، فلما نزلت : إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر [الفتح : 1 ، 2] الآية ، اجتهد ، فقيل له : تجهد نفسك ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا ؟ !

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 60 ] الثاني : روى الترمذي وغيره عن هند بن أبي هالة رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوصلا لإخوانه ، ليست له راحة .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن القيم في زاد المعاد : وأما بكاؤه فكان من جنس ضحكه ، لم يكن بشهيق ، ولا رفع صوت ، كما لم يكن ضحكه بقهقهة ، ولكن كان تدمع عيناه حتى يهملا ، ويسمع لصدره أزيز ، وكان بكاؤه تارة رحمة للميت ، وتارة خوفا على أمته ، وتارة من خشية الله ، وتارة عند سماع القرآن ، وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال ، يصاحب الخوف والخشية .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : قوله : «وأشدهم له خشية» قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : في هذا الحديث إشكال؛ لأن الخوف والخشية حالة تنشأ عن ملاحظة شدة النقمة الممكن وقوعها بالخائف ، وقد دل القاطع على أنه صلى الله عليه وسلم غير معذب ، وقال تعالى : يوم لا يخزي الله النبي [التحريم : 8] فكيف يتصور منه الخوف ؟ فكيف أشد الخوف ؟ قال : والجواب أن الذهول جائز عليه صلى الله عليه وسلم ، فإذا حصل الذهول عن موجبات نفي العقاب حدث له الخوف ، ولا يقال : إن إخباره بشدة الخوف ، وعظم الخشية عظم بالنوع لا بكثرة العدد ، أي : إذا صدر منه الخوف ولو في زمن فرد كان أشد من خوف غيره .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية