الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه [ ص: 546 ] أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد

                                                                                                                                                                                                يوم تجد : منصوب بـ(تود) والضمير في بينه لليوم، أي: يوم القيامة حين تجد كل نفس خيرها وشرها حاضرين، تتمنى لو أن بينها وبين ذلك اليوم وهوله أمدا بعيدا، ويجوز أن ينتصب يوم تجد : بمضمر نحو: (اذكر) ويقع على ما عملت وحده، ويرتفع وما عملت : على الابتداء، و"تود"خبره، أي: والذي عملته من سوء تود هي لو تباعد ما بينها وبينه، ولا يصح أن تكون ما شرطية لارتفاع (تود).

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: فهل يصح أن تكون شرطية على قراءة عبد الله ودت؟ قلت: لا كلام في صحته، ولكن الحمل على الابتداء والخبر أوقع في المعنى؛ لأنه حكاية الكائن في ذلك اليوم وأثبت لموافقة قراءة العامة، ويجوز أن يعطف وما عملت على ما عملت ويكون "تود" حالا، أي: يوم تجد عملها محضرا وادة تباعد ما بينها وبين اليوم أو عمل السوء محضرا، كقوله تعالى: ووجدوا ما عملوا حاضرا [الكهف: 49] يعني مكتوبا في صحفهم يقرءونه، ونحوه فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه [المجادلة: 6].

                                                                                                                                                                                                والأمد المسافة كقوله تعالى: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين [الزخرف: 38] وكرر قوله: ( ويحذركم الله نفسه ) : ليكون على بال منهم لا يغفلون عنه والله رءوف بالعباد يعني أن تحذيره نفسه وتعريفه حالها من العلم والقدرة من الرأفة العظيمة بالعباد؛ لأنهم إذا عرفوه حق المعرفة وحذروه دعاهم ذلك إلى طلب رضاه واجتناب سخطه.

                                                                                                                                                                                                وعن الحسن: من رأفته بهم أن حذرهم نفسه، ويجوز أن يريد أنه مع كونه محذورا لعلمه وقدرته مرجو لسعة رحمته كقوله تعالى: إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم [فصلت: 43].

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية