الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ قضاء بعض الصلاة بسبب النسيان ] وأما حكم القضاء لبعض الصلاة الذي يكون للإمام والمنفرد من قبل النسيان : فإنهم اتفقوا على أن ما كان منها ركنا فهو يقضى - أعني فريضة - ، وأنه ليس يجزي منه إلا الإتيان به ، وفيه مسائل اختلفوا فيها ، بعضهم أوجب فيها القضاء ، وبعضهم أوجب فيها الإعادة .

مثل من نسي أربع سجدات من أربع ركعات ، سجدة من كل ركعة ، فإن قوما قالوا : يصلح الرابعة بأن يسجد لها ، ويبطل ما قبلها من الركعات ثم يأتي بها ، وهو قول مالك . وقوم قالوا : تبطل الصلاة بأسرها ويلزمه الإعادة ، وهي إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل . وقوم قالوا : يأتي بأربع سجدات متوالية وتكمل بها صلاته ، وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي . وقوم قالوا : يصلح الرابعة ويعتد بسجدتين ، وهو مذهب الشافعي .

وسبب الخلاف في هذا : مراعاة الترتيب ، فمن راعاه في الركعات والسجدات أبطل الصلاة ، ومن راعاه في السجدات أبطل الركعات ما عدا الأخيرة ، قياسا على قضاء ما فات المأموم من صلاة الإمام . ومن لم يراع الترتيب أجاز سجودها معا في ركعة واحدة ، ولاسيما إذا اعتقد أن الترتيب ليس هو واجبا في الفعل المكرر في كل ركعة - أعني السجود - ، وذلك أن كل ركعة تشتمل على قيام وانحناء وسجود ، والسجود مكرر ، فزعم أصحاب أبي حنيفة أن السجود لما كان مكررا لم يجب أن يراعي فيه التكرير في الترتيب .

ومن هذا الجنس اختلاف أصحاب مالك فيمن نسي قراءة أم القرآن من الركعة الأولى فقيل : لا يعتد بالركعة ويقضيها ، وقيل : يعيد الصلاة ، وقيل : يسجد للسهو وصلاته تامة . وفروع هذا الباب كثيرة ، وكلها غير منطوق به ، وليس قصدنا هاهنا إلا ما يجري مجرى الأصول .

التالي السابق


الخدمات العلمية