الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى كلوا وارعوا أنعامكم معمول قول محذوف وقع حالا من ضمير فأخرجنا أي أخرجنا أصناف النبات قائلين كلوا إلخ أي معديها لانتفاعكم بالذات وبالواسطة آذنين في ذلك ، وجوز أن يكون القول حالا من المفعول أي أخرجنا أزواجا مختلفة مقولا فيها ذلك . والأولى أنسب وأولى . ورعى كما قال الزجاج يستعمل لازما ومتعديا ، يقال : رعت الدابة رعيا ورعاها صاحبها رعاية إذا أسامها وسرحها وأراحها إن في ذلك إشارة إلى ما ذكر من شؤونه تعالى، وأفعاله وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبته وبعد منزلته في الكمال ، وقيل : لعدم ذكر المشار إليه بلفظه ، والتنكير في قوله سبحانه (لآيات) للتفخيم كما وكيفا أي لآيات كثيرة جليلة واضحة الدلالة على شؤون الله تعالى في ذاته وصفاته (لأولي النهى) جمع نهية بضم النون سمي بها العقل لنهيه عن اتباع الباطل وارتكاب القبيح كما سمي بالعقل والحجر لعقله وحجره عن ذلك . ويجيء النهى مفردا بمعنى العقل كما في القاموس وهو ظاهر ما روي عن ابن عباس هنا فإنه قال : أي لذوي العقل ، وفي رواية أخرى عنه أنه قال : لذوي التقى . ولعله تفسير باللازم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز أبو علي أن يكون مصدرا كالهدى والأكثرون على الجمع أي لذوي العقول الناهية عن الأباطيل، وتخصيص كونها آيات بهم لأن أوجه دلالتها على شؤونه تعالى لا يعلمها إلا العقلاء ولذا جعل نفعها عائدا إليهم في الحقيقة فقال سبحانه : كلوا وارعوا دون كلوا أنتم والأنعام.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية