الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون ( 29 ) )

قال أبو جعفر : وهذا أيضا خبر من الله عن قيل نوح لقومه ، أنه قال لهم : يا قوم لا أسألكم على نصيحتي لكم ، ودعايتكم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له ، مالا أجرا على ذلك ، فتتهموني في نصيحتي ، وتظنون أن فعلي ذلك طلب عرض من أعراض الدنيا ( إن أجري إلا على الله ) ، يقول : ما ثواب نصيحتي لكم ، ودعايتكم إلى ما أدعوكم إليه ، إلا على الله ، فإنه هو الذي يجازيني ، ويثيبني عليه ( وما أنا بطارد الذين آمنوا ) ، وما أنا بمقص من آمن بالله ، [ ص: 301 ] وأقر بوحدانيته ، وخلع الأوثان وتبرأ منها ، بأن لم يكونوا من عليتكم وأشرافكم ( إنهم ملاقو ربهم ) ، يقول : إن هؤلاء الذين تسألوني طردهم ، صائرون إلى الله ، والله سائلهم عما كانوا في الدنيا يعملون ، لا عن شرفهم وحسبهم .

وكان قيل نوح ذلك لقومه ، لأن قومه قالوا له ، كما : -

18112 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ( وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ) ، قال : قالوا له : يا نوح ، إن أحببت أن نتبعك فاطردهم ، وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء . فقال : ( وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ) ، فيسألهم عن أعمالهم

18113 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، وحدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح جميعا ، عن مجاهد قوله : ( إن أجري إلا على الله ) ، قال : جزائي .

18114 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

18115 - . . . . قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

وقوله : ( ولكني أراكم قوما تجهلون ) ، يقول : ولكني ، أيها القوم ، أراكم قوما تجهلون الواجب عليكم من حق الله ، واللازم لكم من فرائضه . ولذلك من جهلكم سألتموني أن أطرد الذين آمنوا بالله .

التالي السابق


الخدمات العلمية