الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ففي تعطيل هذه الأوقات زيادة تحريض وبعث على انتظار انقضاء الوقت فخصصت هذه الأوقات بالتسبيح والاستغفار حذرا من الملل بالمداومة ، وتفرجا بالانتقال من نوع عبادة إلى نوع آخر .

ففي الاستطراف والاستجداد لذة ونشاط وفي الاستمرار على شيء واحد استثقال وملال ولذلك لم تكن الصلاة سجودا مجردا ولا ركوعا مجردا ولا قياما مجردا بل رتبت العبادات من أعمال مختلفة ، وأذكار متباينة فإن القلب يدرك من كل عمل منهما لذة جديدة عند الانتقال إليها ولو واظب على الشيء الواحد لتسارع إليه الملل .

فإذا كانت هذه أمورا مهمة في النهي عن ارتكاب أوقات الكراهة ، إلى غير ذلك من أسرار أخرى ليس في قوة البشر الاطلاع عليها والله ورسوله أعلم بها .

فهذه المهمات لا تترك إلا بأسباب مهمة في الشرع مثل قضاء الصلوات وصلاة الاستسقاء والخسوف وتحية ، المسجد .

فأما ما ضعف عنها فلا ينبغي أن يصادم به مقصود النهي .

هذا هو الأوجه عندنا ، والله أعلم .

كمل كتاب أسرار الصلاة من كتاب إحياء علوم الدين .

يتلوه إن شاء الله كتاب أسرار الزكاة بحمد الله وعونه وحسن توفيقه .

والحمد لله وحده وصلاته على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

التالي السابق


( ففي تعطيل هذه الأوقات) عن الصلوات ( زيادة تحريض وبعث على انتظار انقضاء الوقت) المنهي عنه، ( فخصصت هذه الأوقات بالتسبيح والاستغفار) ، وغيرهما من أنواع الأذكار، وأفضلها مراقبة جلال الله الواحد القهار ( حذروا من الملال) ، والكسل ( بالمداومة، وتفرجا بالانتقال من نوع عبادة إلى نوع آخر؛ ففي الاستطراف والاستجداد) كلاهما بمعنى واحد يقال: استطرف الشيء واستجده: إذا أخذه طارفا جديدا ( لذة) لا تكيف ( ونشاط) لا يوصف، ( وفي الاستمرار) أي المداومة ( على شيء واحد) ، ونوع واحد ( استثقال) للطبيعة ( وملال) ، وفتور ( ولذلك لم تكن الصلاة سجودا مجردا) كما عليه طائفة من الملائكة ( ولا ركوعا مجردا) كما عليه من طائفة أخرى منهم ( ولا قياما مجردا) كما عليه طائفة أخرى [ ص: 486 ] منهم، ( بل رتبت العبادات من أعمال مختلفة، وأذكار) خاصة ( متباينة) من ثناء وتكبير وتحميد وتهليل وتسبيح ودعاء، ( فإن القلب يدرك من كل منها لذة جديدة) ، ويعطيه ذلك العمل، وذلك الذكر نشأة ينصبغ فيها على قدر إقباله عليه، وذلك ( عند الانتقال إليها) من عمل إلى عمل، ومن ذكر إلى ذكر ( ولو واظب على الشيء الواحد) من عمل أو ذكر ( لسارع إليه الملال) على كل حال ( فإذا كانت هذه أمورا مهمة في النهي عن الأوقات المكروهة، إلى غير ذلك من أسرار أخر) هي خفية المدرك، ( ليس في قوة البشر) مع ما أودع فيها من الكمال ( الاطلاع عليها) أي على تلك الأسرار، ( والله) تعالى ( ورسوله) صلى الله عليه وسلم ( أعلم بها، فهذه المهمات لا تترك إلا بأسباب مهمة في الشرع) قوية يهتم لها ( مثل قضاء الصلاة) الفائتة فريضة كانت أو راتبة، ( وصلاة الاستسقاء) ، وصلاة ( الخسوف، و) ركعتي ( تحية المسجد) ، وصلاة الجنازة، وسجود التلاوة والشكر وركعتي الطواف ( فأما ما ضعف عن هذه فلا ينبغي أن يصادم بها) أي: يعارض ( مقصود النهي) في كلام الشارع ( هذا هو الأوجه عندنا، والله أعلم بالصواب) ، وبه تم كتاب أسرار الصلاة من كتاب الإحياء للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي قدس سره، وفيما أوردناه من شرح كلامه كفاية في حصول الغرض لمحبي جنابه، والله المستعان، وعليه التكلان، وأسأل الله العظيم متوسلا إليه بجاه حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم، وأحبائه، وهذا الإمام مؤلف هذا الكتاب أن يمن علي بإتمامه على المنوال الذي شرعت فيه مستوفيا لمقاصده محيطا لفوائده، إنه تعالى نعم المسئول والمجيب، وما يسره على عبده فهو قريب، وكان الفراغ من شرح هذا الكتاب في أذان عصر يوم السبت المبارك لأربع بقين من شهر ذي الحجة الحرام ختام عام سبع وتسعين ومائة وألف من هجرة له من له العز والشرف، حامدا لله ومصليا ومسلما على نبيه، وآله، وصحبه، وذويه، وعترته، مستغفرا محسبلا محوقلا، وكتب أبو الفيض محمد مرتضى الحسيني غفر له بمنه، وحسبنا الله ونعم الوكيل .

( تم الجزء الثالث من إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين، ويليه الجزء الرابع، أوله كتاب أسرار الزكاة)

( تنبيه) :

قد صارت مقابلة هذا الجزء على نسخة بخط المؤلف محضرة من خزانة السادات .

/////



الخدمات العلمية