الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة :

" ولا تحصل الطهارة بمائع غيره "

أما طهارة الحدث فهي كالإجماع لأن الله تعالى أمر بالتيمم عند عدم الماء ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الصعيد الطيب طهور المسلم ، إذا لم يجد الماء عشر سنين ) ، إلا في النبيذ ، نبيذ التمر فإن بعض العلماء أجاز الوضوء به في الجملة على تفصيل لهم لما روى ابن مسعود قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة لقي الجن فقال : " أمعك ماء ؟ قلت : لا ، قال : فما في هذه الإداوة ؟ قلت : نبيذ ، قال : أرنيها تمرة طيبة وماء طهور ، فتوضأ ثم صلى " ، رواه الإمام أحمد وابن ماجه وأبو داود والترمذي .

وهذا الحديث قد ضعفه جماعة من الحفاظ ، ثم إن صح فلعله كان ماء قد طرح فيه تمرات تزيل ملوحته بدليل قوله تمرة طيبة وماء طهور ، ثم هو منسوخ بآية [ ص: 62 ] المائدة التي فرض فيها التيمم عند عدم الماء ، فإن قصة الجن كانت بمكة في أول الإسلام . وأما نجاسة الخبث فعنه ما يدل على أن تزال بكل مائع طاهر يزيل كالخل ونحوه ، وهو قول أبي حنيفة ؛ لأن المقصود هو زوال النجاسة ، ولذلك يحصل بصوب الغمام وبفعل المجنون وبدون النية ، وظاهر المذهب كما ذكره الشيخ ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالماء في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد ، وفي دم الحيض ، وغسل آنية المجوس ، ولأن الطهارة بالماء يجوز أن تكون تعبدا فلا يلحق به غيره كطهارة الحدث ولأن الماء ألطف وأنفذ في الأعماق ، مع أنه ليس له في نفسه طعم ولا لون ولا ريح يبقى بعد زوال النجاسة وهو مخلوق للطهارة دون غيره من المائعات ، فإنها خلقت للأكل وللدهان وغير ذلك ، وأعمها وجودا وهو طهور يدفع النجاسة عن نفسه ولا يتنجس في وروده عليها إلى غير ذلك من الصفات التي اختص بها فلا يجوز إلحاق غيره به .

التالي السابق


الخدمات العلمية