الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا شفعة فيما عوضه غير المال ، كالصداق وعوض الخلع ، والصلح عن دم العمد . في أحد الوجهين ) . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب والمستوعب ، والتلخيص ، والمحرر ، والرعاية الكبرى ، والفروع ، والفائق . وظاهر الشرح : الإطلاق .

أحدهما : لا شفعة في ذلك . وهو الصحيح من المذهب . قال في الكافي : لا شفعة فيه في ظاهر المذهب . قال الزركشي : هذا أشهر الوجهين عند القاضي ، وأكثر أصحابه . قال ابن منجا : هذا أولى . قال الحارثي : أكثر الأصحاب قال : بانتفاء الشفعة . منهم أبو بكر ، وابن أبي موسى ، وأبو علي بن شهاب ، والقاضي ، وأبو الخطاب في رءوس المسائل ، ابن عقيل ، والقاضي يعقوب ، والشريفان أبو جعفر ، وأبو القاسم الزيدي والعكبري ، وابن بكروس ، والمصنف وهذا هو المذهب . ولذلك قدمه في المتن . انتهى . وهو ظاهر كلام الخرقي . وصححه في التصحيح ، والنظم . جزم به في العمدة [ ص: 253 ] والوجيز ، والمنور ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وقدمه في المغني ، والشرح ، وشرح الحارثي ، وغيرهم .

والوجه الثاني : فيه الشفعة . اختاره ابن حامد ، وأبو الخطاب في الانتصار ، وابن حمدان في الرعاية الصغرى . وقدمه ابن رزين في شرحه . فعلى هذا القول : يأخذه بقيمته . على الصحيح . اختاره القاضي ، وابن عقيل ، وابن عبدوس في تذكرته ، وصاحب الفائق . وصححه الناظم . وقدمه في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . وجزم به في الهداية . وقيل : يأخذه بقيمة مقابله من مهر ودية . حكاه الشريف أبو جعفر عن ابن حامد . وأطلقهما في المحرر ، والفروع ، والزركشي . وسيأتي ذلك في كلام المصنف في آخر الفصل السادس .

فوائد : منها : قال في الفروع ، وعلى قياس هذه المسألة : ما أخذ أجرة ، أو ثمنا في سلم ، أو عوضا في كتابة . وجزم به في الرعاية الكبرى . قال في الكافي ومثله : ما اشتراه الذمي بخمر ، أو خنزير . قال الحارثي : وطرد أصحابنا الوجهين في الشقص المجعول أجرة في الإجارة . ولكن نقول : الإجارة نوع من البيع . فيبعد طرد الخلاف إذن . فالصحيح على أصلنا : جريان الشفعة قولا واحدا . ولو كان الشقص جعلا في جعالة : فكذلك من غير فرق . وطرد صاحب التلخيص وغيره من الأصحاب الخلاف أيضا في الشقص المأخوذ عوضا عن نجوم الكتابة . ومنهم من قطع بنفي الشفعة فيه . وهو القاضي يعقوب . لا أعلم لذلك وجها . وحكى بعض شيوخنا فيما قرأت عليه طرد الوجهين أيضا في المجعول رأس مال في السلم . وهو أيضا بعيد . فإن السلم نوع من البيع . انتهى كلام الحارثي [ ص: 254 ] ثم قال : إذا تقرر ما قلنا في المأخوذ عوضا عن نجوم الكتابة ، فلو عجز المكاتب بعد الدفع ورق : هل تجب الشفعة إذن ؟ قال في التلخيص : يحتمل وجهين .

أحدهما : نعم .

والثاني : لا . وهو أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية