الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن قلت : فهل لغيره أن يقتدي به في ذلك مع أن الوقت وقت كراهية فاعلم أن المعاني الثلاثة التي ذكرناها في الكراهية من الاحتراز عن التشبه بعبدة الشمس ، أو السجود وقت ظهور قرن الشيطان ، أو الاستراحة عن العبادة حذرا من الملال لا يتحقق ، في حقه فلا يقاس ، عليه في ذلك غيره ، ويشهد لذلك فعله في المنزل حتى لا يقتدى به صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


(فإن قلت: فهل لغيره أن يقتدي به في ذلك مع أن الوقت وقت كراهة) أما كون الوقت وقت كراهة فقد تقدم في كتاب الصلاة مبسوطا (فاعلم أن المعاني الثلاثة التي ذكرناها في الكراهة) في كتاب الصلاة (في الاحتراز من التشبه بعبدة الشمس، أو السجود وقت ظهور قرب الشيطان، أو الاستراحة عن العبادة حذرا من الملال) والسآمة (لا يتصور، وذلك في حقه، ولا يقال عليه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك غيره، ويشهد لذلك فعله لها في غير المسجد حتى لا يقتدى به) .

واختلف العلماء في النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة: هل للتحريم أو للتنزيه؟ ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان: فالذي صححه النووي في الروضة وشرح المهذب وغيرهما أنه للتحريم، وقد نص الشافعي على هذا في الرسالة، وصحح النووي في التحقيق أنها كراهة تنزيه. وهل تنعقد الصلاة لو فعلها أو هي باطلة ؟ صحح النووي في الروضة تبعا للرافعي بطلانها، وظاهره أنها باطلة، ولو قلنا بأنها [ ص: 179 ] مكروهة كراهة تنزيه، وقد صرح بذلك النووي في شرح الوسيط تبعا لابن الصلاح، واستشكله الإسنوي في المهمات بأنه: كيف يباح الإقدام على ما لا ينعقد وهو تلاعب؟ قال تلميذه الولي العراقي: ولا إشكال لأن نهي التنزيه إذا رجع إلى نفس الصلاة يضاد الصحة كنهي التحريم، كما هو مقرر في الأصول، وحاصله أن المكروه لا يدخل تحت مطلق الأمر، وإلا يلزم أن يكون الشيء مطلوبا منهيا، ولا يصح إلا ما كان مطلوبا، والله أعلم .




الخدمات العلمية