الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        127 - الحديث الثالث : عن عائشة رضي الله عنها قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس ، لا يجلس في شيء إلا في آخرها } .

                                        التالي السابق


                                        هذا كما قدمناه - يتمسك به في جواز الزيادة على ركعتين في النوافل . وتأوله بعض المالكية بتأويل لا يتبادر إلى الذهن . وهو أن حمل ذلك على أن الجلوس في محل القيام لم يكن إلا في آخر ركعة ، كأن الأربع كانت الصلاة فيها قياما ، والأخيرة كانت جلوسا في محل القيام ، وربما دل لفظه على تأويل أحاديث قدمها - هذا منها - بأن السلام وقع بين كل ركعتين ، وهذا مخالفة للفظ ، فإنه لا يقع السلام بين كل ركعتين إلا بعد الجلوس ، وذلك ينافيه قولها " لا يجلس في شيء إلا في آخرها " وفي هذا نظر . واعلم أن محط النظر . هو الموازنة بين الظاهر . من قوله عليه السلام " صلاة الليل مثنى مثنى " في دلالته على الحصر . وبين دلالة هذا الفعل على الجواز ، والفعل يتطرق إليه الخصوص ، إلا أنه بعيد لا يصار إليه إلا بدليل . فتبقى دلالة الفعل على الجواز معارضة بدلالة اللفظ على الحصر ، ودلالة الفعل على الجواز عندنا أقوى . نعم يبقى نظر آخر ، وهو أن الأحاديث دلت على جواز أعداد مخصوصة . فإذا جمعناها ونظرنا أكثرها ، فما زاد عليه إذا قلنا بجوازه كان قولا [ ص: 322 ] بالجواز مع اقتضاء الدليل منعه من غير معارضة الفعل له . فلقائل أن يقول : يعمل بدليل المنع حيث لا معارض له من الفعل ، إلا أن يصد عن ذلك إجماع ، أو يقوم دليل على أن الأعداد المخصوصة ملغاة عن الاعتبار . ويكون الحكم الذي دل عليه الحديث مطلق الزيادة . فهنا يمكن أمران :

                                        أحدهما : أن نقول مقادير العبادات يغلب عليها التعبد ، فلا يجزم بأن المقصود مطلق الزيادة .

                                        والثاني : أن يقول المانع : المخل : هو الزيادة على مقدار الركعتين . وقد ألغي بهذه الأحاديث . ولا يقوى كثيرا . والله عز وجل أعلم .




                                        الخدمات العلمية