الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      أم لهم شركاء في الكفر وهم الشياطين شرعوا لهم أي لهؤلاء الكفرة المعاصرين لك بالتسويل والتزيين من الدين ما لم يأذن به الله كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا. و (أم) منقطعة فيها معنى بل الإضرابية والهمزة التي للتقرير والتقريع والإضراب عما سبق من قوله تعالى: شرع لكم من الدين إلخ فالعطف عليه وما اعترض به بين الآيتين من تتمة الأولى، وتأخير الإضراب ليدل على أنهم في شرع يخالف ما شرعه الله تعالى من كل وجه فالشرك في مقابلة إقامة الدين والاستقامة عليه وإنكار البعث في مقابلة قوله تعالى: والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق والعمل للدنيا لقوله سبحانه: من كان يريد حرث الآخرة وهذا أظهر من جعل الإضراب عما تقدم من قوله تعالى: كبر على المشركين كما لا يخفى، وقيل: شركاؤهم أصنامهم، وإضافتها إليهم لأنهم الذين جعلوها شركاء لله سبحانه، وإسناد الشرع إليها لأنها سبب ضلالتهم وافتتانهم كقوله تعالى: إنهن أضللن كثيرا وجوز أن يكون الاستفهام المقدر على هذا للإنكار أي ليس لهم شرع ولا شارع كما في قوله تعالى: أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا وأيا ما كان فضمير (شرعوا) للشركاء وضمير لهم للكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      وجوز على تفسير الشركاء بالأصنام أن يكون الأول للكفار والثاني للشركاء أي شرع الكفار لأصنامهم ورسموا من المعتقدات والأحكام ما لم يأذن به الله تعالى كاعتقاد أنهم آلهة وأن عبادتهم تقربهم إلى الله سبحانه، وكجعل البحيرة والسائبة والوصيلة وغير ذلك، وهو كما ترى ولولا كلمة الفصل أي القضاء والحكم السابق منه تعالى بتأخير العذاب إلى يوم القيامة أو إلى آخر أعمارهم لقضي بينهم أي بين الكافرين والمؤمنين في الدنيا أو حين افترقوا بالعقاب والثواب، وجوز أن يكون المعنى لولا ما وعدهم الله تعالى به من الفصل في الآخرة لقضي بينهم فالفصل بمعنى البيان كما في قوله تعالى: هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين وقيل: ضمير بينهم للكفار وشركائهم بأي معنى كان وإن الظالمين وهم المحدث عنهم أو الأعم منهم ويدخلون دخولا أوليا لهم عذاب أليم في الآخرة. وفي البحر أي في الدنيا بالقتل والأسر والنهب وفي الآخرة بالنار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الأعرج ومسلم بن جندب (وأن) بفتح الهمزة عطفا على كلمة الفصل أي لولا القضاء السابق بتأخير العذاب وتقدير أن الظالمين لهم عذاب أليم في الآخرة أو لولا العدة بأن الفصل يكون يوم القيامة وتقدير أن الظالمين لهم إلخ لقضي بينهم، والعطف على التقديرين تتميم للإيضاح لا تفسيري محض

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية