الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) كلهم أثبت الواو في "وسارعوا" إلا نافعا ، وابن عامر ، فإنهما لم يذكراها . وقال أبو علي: وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة والشام ، فمن قرأ بالواو ، عطف "وسارعوا" على "وأطيعوا" ومن حذفها ، فلأن الجملة الثانية ملتبسة بالأولى ، فاستغنت عن العطف . ومعنى الآية: بادروا إلى ما يوجب المغفرة . وفي المراد بموجب المغفرة هاهنا عشرة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنه الإخلاص ، قاله عثمان بن عفان رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أداء الفرائض ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: الإسلام ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 460 ] . والرابع: التكبيرة الأولى من الصلاة ، قاله أنس بن مالك .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس: الطاعة ، قاله سعيد بن جبير . والسادس: التوبة ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                      والسابع: الهجرة ، قاله أبو العالية . والثامن: الجهاد ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                      والتاسع: الصلوات الخمس ، قاله يمان . والعاشر: الأعمال الصالحة ، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (وجنة عرضها السماوات والأرض) قال ابن قتيبة: أراد بالعرض السعة ، ولم يرد العرض الذي يخالف الطول ، والعرب تقول: بلاد عريضة ، أي: واسعة . وقال النبي صلى الله عليه وسلم للمنهزمين يوم أحد: "لقد ذهبتم فيها عريضة" .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      كأن بلاد الله وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل



                                                                                                                                                                                                                                      قال وأصل هذا من العرض الذي هو خلاف الطول ، وإذا عرض الشيء اتسع ، وإذا لم يعرض ضاق ودق . وقال سعيد بن جبير : لو ألصق بعضهن إلى بعض كانت الجنة في عرضهن .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية