الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        155 - الحديث الثالث : عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال { شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فصففنا صفين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم والعدو بيننا وبين القبلة ، وكبر النبي صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعا ، ثم ركع وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه ، وقام الصف المؤخر في نحر العدو ، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود ، وقام الصف الذي يليه : [ ص: 364 ] انحدر الصف المؤخر بالسجود ، وقاموا ، ثم تقدم الصف المؤخر ، وتأخر الصف المقدم ، ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعا ، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ، ثم انحدر بالسجود ، والصف الذي يليه - الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى - فقام الصف المؤخر في نحر العدو ، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود والصف الذي يليه : أنحدر الصف المؤخر بالسجود ، فسجدوا ثم سلم صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعا ، قال جابر : كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم } وذكره مسلم بتمامه . وذكر البخاري طرفا منه ، { وأنه صلى صلاة الخوف مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوة السابعة ، غزوة ذات الرقاع } .

                                        التالي السابق


                                        هذه كيفية الصلاة إذا كان العدو في جهة القبلة . فإنه تتأتى الحراسة مع كون الكل مع الإمام في الصلاة . وفيها التأخير عن الإمام لأجل العدو . والحديث يدل على أمور :

                                        أحدها : أن الحراسة في السجود لا في الركوع ، هذا هو المذهب المشهور . وحكي وجه عن بعض أصحاب الشافعي : أنه يحرس في الركوع أيضا .

                                        والمذهب : الأول . لأن الركوع لا يمنع من إدراك العدو بالبصر . فالحراسة ممكنة معه ، بخلاف السجود .

                                        الثاني : المراد بالسجود الذي سجده النبي صلى الله عليه وسلم وسجد معه الصف الذي يليه : هو السجدتان جميعا .

                                        الثالث : الحديث يدل على أن الصف الذي يلي الإمام يسجد معه في الركعة [ ص: 365 ] الأولى ، ويحرس الصف الثاني فيها ، ونص الشافعي على خلافه ، وهو أن الصف الأول يحرس في الركعة الأولى . فقال بعض أصحابه : لعله سها ، أو لم يبلغه الحديث . وجماعة من العراقيين وافقوا الصحيح ، ولم يذكر بعضهم سوى ما دل عليه الحديث . كأبي إسحاق الشيرازي وبعضهم قال بذلك ، بناء على المشهور عن الشافعي : أن الحديث إذا صح يذهب إليه ، ويترك قوله . وأما الخراسانيون : فإن بعضهم تبع نص الشافعي ، كالغزالي في الوسيط ومنهم من ادعى : أن في الحديث رواية كذلك . ورجح ما ذهب إليه الشافعي بأن الصف الأول يكون جنة لمن خلفه . ويكون ساترا له عن أعين المشركين . وبأنه أقرب إلى الحراسة . وهؤلاء مطالبون بإبراز تلك الرواية . والترجيح إنما يكون بعدها .

                                        الرابع : الحديث يدل على أن الحراسة يتساوى فيها الطائفتان في الركعتين ، فلو حرست طائقة واحدة في الركعتين معا ففي صحة صلاتهم خلاف لأصحاب الشافعي .




                                        الخدمات العلمية